زمن العضلات الهوائية

تم نشره الثلاثاء 22nd شباط / فبراير 2022 01:18 صباحاً
زمن العضلات الهوائية
رمزي الغزوي

عليكَ ألا تستهجنَ في أزمنة الرداءة تسيّد التافهين وركوبهم سنام المشهد. وعليك ألا تستكثر عدد المصفقين لهم، وحشود المسبحين بسطوتهم، وزرافات الماشين في مساربهم. عليك ألا تسأل عمن وضعهم في مكانتهم هذه. فهي ليست لهم. ثم وهذا المهم، عليك ألا تتفاجأ بأنهم فارغون سطحيون، لا ثقافة ولا جوهر لديهم أو فيهم. اغسل يديك من هذا وأرح روحك، فنحن نرزح في زمن يطمس الذهب، ويعلي من شأن الرغام والخشب.
ثم عليك ألا تتوقع منهم إلا الغرور المتفاقم. عليك ألا تتوقع أن يقصوك ويبعدوك عن مكانتك. فقد قالها منذ قرون بعيدة الأمام علي كرم الله وجهه: ‏»إذا وضعت أحداً فوق قدره؛ فتوقع منه أن يضعك دون قدرك».
لن نخوض في السبل التي وصل فيها هؤلاء إلى ما وصلوا إليه من مكانة وتمكن. ولا أريد أن ألوم عموم الناس الذين صنعوهم وطبطبوا على ظهورهم. ولكني سأسال: هل هم حقا مؤثرون؟ وهل هذا الأثر يدوم طويلا؟ أم أنه مرور عابر؟. هل حقا يتركون أثراً في المجتمع؟ أم أنهم فقاعات يملؤها الخواء؟.
ذات قهر نشر مفكر معروف مقالة مهمة له على صفحته في «فيسبوك» فلم تحصد إلا 6 «لايكات» فأخذه الهم وتفاقم في نفسه الغم حين لمح أن صبية ساذجة نشرت نكتة تافهة حصدت عليها آلافا من الإعجابات والمشاركات.
منذ زمن بعيد أرحت نفسي من أخذ عدد اللايكات على محمل الجد. أنا لا أراها ميزانا أو مؤشرا حقيقيا لجودة المنشور أو حصافته أو ريادته. وأنصح بهذا المسلك كل من ما زال يعلي من شأن عددها ألا يأخذها بعين الجدية، كي يقطع الطريق على كل احباط قد يتسلل إلى نفسه.
حين تصفق لمثل هؤلاء؛ فتوقع منهم أن يصفعوك بقمامتهم. فالجزار الذي يغدو ممهوراً بالشهرة يمكنه أن يبيع الناس أي نوع من اللحم، حتى ولو كان لحم كلاب أو قطط، دون أن تتأثر سمعته الشاهقة أو يرف له جفن ندم. فالناس تبهرها «اللايكات» الكثيرة.
للأسف هذه حالنا مع بعض فقاعات (كي لا أقول نجوم) السوشال ميديا. ففرق كبير بين الشهرة الزائفة والجودة، وبين الفقاعية والنجومية. الفقاعة لربما تبهرك لحظة؛ لكنها تنفجر مسفرة عن خواء خاوٍ. وفرق أكبر بين القدرات الحقيقية، والتورم المزعوم على مواقع التواصل.
اليوم نحن نحيا زمن شهوة الاستعراض وعرض العضلات الهوائية. حتى باتت هذه الشهوة تفوق وتقمع وتقصي، كما أن هذا المجتمع يأبى في أكثر الحالات إلا أن يتصرف قطيعياً ويسير في ركب الهوبرة والشوشرة، وعدم تحري الحق والخير والجمال.

الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات