المجال الحيوي الروسي والفضاء الامريكي الواسع
ردود الفعل الاوروبية والأمريكية على إجراءات بوتين الأخيرة باهتة وأقل من المتوقع والمعلن؛ فالمانيا اكتفت بتعليق المصادقة على تشغيل انبوب (نورد ستريم ٢) علما ان المشروع معلق منذ أشهر على خلفية الاعتراض الأمريكي و تفجر ازمة المعارض الروسي اليكسي نفالني الذي تلقى العلاج في برلين ليعود ويعتقل في روسيا قبل اشهر قليلة.
بريطانيا اكثر الدول تشددا اكتفت بالاعلان عن عقوبات تمس خمس بنوك روسية منتظرة الرد الموحد مع اوروبا؛ علما ان اغلب التعاملات الروسية والارصدة المالية في بنوك فرنسية ؛ فباريس لم تتخذ اي اجراء مهم حالها كحال جارتها ايطاليا التي تجاهلت الازمة؛ لتكتفي روما وباريس ببيانات مفوضية الاتحاد الاوروبي في بروكسل؛ اذ تحولت المفوضية ورئاستها الى جهاز امتصاص صدمات؛ مجنبا قادة الاتحاد الاوروبي الكلف السياسية المرتفعة التي تتبناها لندن.
هولندا تعتبر الطرف الاكثر حماسة للعقوبات داخل الاتحاد الاوروبي؛ لها مبرراتها بعد ان سال لعابها اماماسعار الغاز المرتفعة؛ فهولندا تملك حقل غاز "غرونينغن" المعطل بعد سلسلة زلازل هددت مساكن و حياة آلاف الاوروبيين ؛فامستردام تطمح لاعادة تشغيل الحقل من خلال التشجيع على عقوبات الحد الأقصى؛ ورغم ذلك لم تلقى حماستها استجابة أوروبية.
فالمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي في بيان مشترك اكتفى بتقديم عرض خجول باستهداف بنوك في روسيا لها علاقات مع منطقة (دونباس في شرق أوكرانيا)، وتم عرض (الحد) من وصول موسكو إلى الأسواق المالية الأوروبية ردا على اعتراف موسكو بالجمهوريتين؛ العقوبات المقترحة، ستشمل وضع مسؤولين على القائمة السوداء؛ عقوبات سيتعين إقرارها من قبل جميع الدول الأعضاء الـ27 امر يبدو مستحيلا.
روسيا تقاتل في ساحتها وبتركيز كبير في حين تراقب أمريكا ورئيسها العجوز بايدن المشهد بحذر تاركا الباب مفتوحا للقاء وزير خارجيته بلينكن بوزير الخارجية الروسي لافروف والهدف ترتيب لقاء قمة يجمعه بالرئيس الروسي بوتين.
امريكا قلقة من تداعيات الازمة على الباسفيك؛ متوجسة من فتح جبهة جديدة تتوسع فيها لصين في بحر الصين الجنوبي وصولا الى تايوان؛ فخيارات واشنطن تضيق والتصعيد ليس واحد منها؛ فإما ان تنهي الازمة؛ للتفرغ للصين؛ او ان تواصل الصين تقدمها وصولا الى تايوان؛ فالفرصة تاريخية لبكين لحسم ملف بحر الصين الجنوبي و تايوان بشكل نهائي؛ فامريكا في مازق امام حلفائها ومصداقيتها على المحك لا وفي اوروبا بل واسيا؛ فالتصعيد وخفضة خياران نتيجتهما واحدة.
ختاما .. خطوة بوتين الاعتراف بجمهورية لوغانسك ودونيتسك فتحت الباب لكافة الاحتمالات؛ فالساحات الدولية والاقليمية باتت مفتوحة على احتمالات لا حصر لها؛ واضعة امريكا في مازق كبير تتنازعها ساحات ساخنة من الباسفيك الى الاطلسي فالمحيط الهندي؛ فضاءات بعيدة عن اراضيها ومجالها الحيوي الفعلي خلافا لروسيا في البحر الاسود.
السبيل