البنتاغون ونفوذ ايران في العراق
بعيدا عن صخب الأحداث في اوكرانيا التي لخصنا رؤيتنا لما يجري فيها بمقالنا السابق . لقراءته انقر هنا
http://www.jbcnews.net/article/508386
فإننا نتناول في هذه المقالة سريعا قضية أخرى على تماس مع منطقتنا مباشرة :
إنها المرة الأولى منذ احتلال العراق التي يعترف فيها البنتاغون ( رسميا ) بما يعتبر تحصيل حاصل لأي مراقب تابع مراحل الإحتلال ومآلاته التي يشهدها هذا البلد الآن وشهدها عبر السنوات السابقة :
فقد نشرت الصحافة الأمريكية تقريرا تقدم به للكونجرس مفتش عام البنتاغون أكد فيه عمق النفوذ الايراني في العراق ليس فقط من خلال الميليشيات التابعة لها بل ايضا من خلال القوات المسلحة العراقية ذاتها وأجهزة الأمن المختلفة ، ما اعتبر أول اعتراف رسمي امريكي بعمق هذا النفوذ الذي طالما تكتمت عنه الولايات المتحدة لأسباب لا يجهلها المراقب .
" هناك نفوذ واسع " هكذا قال التقرير ، محددا وجوده في الشرطة الاتحادية وقوات الطوارئ ووزارة الداخلية نفسها التي تشرف على هذه الأجنحة ، أما في الجيش العراقي كمؤسسة رسمية أولى فقد حدد التقرير عمق النفوذ الأيراني فيه وخاصة في الفرقتين الخامسة والثامنة عى اعتبار أنهما الأكبر من حيث السطوة الايرانية داخل المؤسسة العسكرية .
التقرير الذي نشرت مقتطفات منه صحيفة "واشنطن فري بيكون " The Washington Free Beacon كشف بأن الدعم الأمريكي بمختلف أنواعه وأشكاله للقوات العراقية والأمنية كان معروفا ومتكتما عليه من قبل الأدارات الأمريكية المتعاقبة ، وأورد التقرير فيلق بدر مثالا على هذا الاختراق وهو الفيلق الذي أسسته ايران وتم دمجه في القوات العراقية رسميا منذ الإحتلال في العام 2003 ، اي أن الولايات المتحدة هي التي عززت النفوذ الايراني داخل الدولة العراقية ، وهذا أول دليل على تورط أمريكي " رسمي " في تسليم العراق لايران بعد اعترافات بريمر ومذكرات زلماي خليل زاد ، رغم كل ما قيل ويقال ويتبجح بهذا الشأن ، وخاصة في عهد حكومة ترمب التي كانت من أشد الداعمين للحكومة العراقية عسكريا وأمنيا مع علمها المسبق بأن ايران هي المستفيدة من كل رصاصة تصل العراق .
وإذا قرأنا المشهد العراقي من جديد بعد هذا التقرير فإنه لا يختلف عما يعرفه العراقيون انفسهم على مستوى النخب أو رجل الشارع البسيط وهو أن أي قرار في العراق مهيمن عليه من قبل طهران ، بغض النظر عن محاولات فردية يقوم بها رئيس حكومة هنا وزعيم طائفي هناك ، لأن المرجع واحد في النهاية : وهو ان كل الطرق في العراق تؤدي إلى طهران ، ولنا في عدول مقتدى الصدر عن لاءاته بخصوص إشراك الميليشيات خير دليل على عمق ارتهان الساسة العراقيين للولي الفقيه.
هكذا ابتلعت ايران العراق ، وهكذا تبتلع اليمن لولا التحالف العربي ، وهكذا تبتلع سوريا بالتقاسم مع الروس بعد أن مضغت لبنان وطحنته عن بكرة ابيه .
لن يكون مستغربا ان ياتي بعد هذا التقرير من يدفع في اتجاه أن ايران عدو للولايات المتحدة ، اسألوا الاتفاق النووي وما سيفعله بالمنطقة والعرب وراقبوا محور ايران الطائفي الدموي الذي سيخرج من العزلة بالتأكيد ولكن ليس على طريقة غابرييل ماركيز .
جى بي سي نيوز