التي جعلت الأرض كوكباً قابلاً للحياة
هل سيكفي أن نوقد شمعة بلهاء فوق قالب حلوى مزين لنحتفي بيوم المرأة العالمي؟!. هل تكفي شمعة صغيرة لتبدد العماء الذي يلف فهمنا الحقيقي للمرأة؟!. لماذا اختصرنا هذا الكائن العظيم بيوم، كما اختصرنا الحب والأم؟!. وهل عجلة السرعة تبيح لنا أن نتناسى الأشياء الجميلة سنة بطولها، ثم نحيي شبه احتفال برتوكولي لا يترك أثراً.
عالم اليوم المتخم بالتناقضات، يملأ رزناماتنا بذكريات ومناسبات، نراها وكأننا لا نراها؛ ولهذا فسيكون متوقعاً لمن غدت ذاكرته مرتعاً للثقوب والعيوب أن يحتفل بيوم الكتاب وهو منشغل بالفضائيات حد الهوس والإدمان، أو نراه يحتفل بيوم الشجرة بغرس فسيلة صغيرة على مقربة من غابات يانعة تجزها الفؤوس بشراهة نار!.
أعتقد جازماً أن العالم المتشردق بالغصات لا يخصص يوماً للأشياء إلا إذا كانت آيلة للانقراض، أو تقف قاب هفوتين من خرابها المبين، والأمثلة أكثر من أن تحصر: يوم للأوزون، ويوم للشعر، وآخر للأخوة، ورابع للصداقة، والحب، والأب، ويوم للأرض، والحرية وللأم، وغيرها مما لم أحط به خبرا. فهل جاء يوم المرأة العالمي في هذا السياق؟!.
لست مع هذا اليوم، فالأرض كل الأرض ستكفُّ عن الدوران، إذا أشاحت حواء بوجها عن آدم وبنيه ليوم واحد أو بعض يوم. فكل مكان لا يؤنث لا يعول عليه، ولن يعول عليه!، وكل يوم لا تكتبه حواء بلغتها وأنفاسها وحبها؛ لن يقرأه أهل الأرض.
ولهذا فدعاة التطبيل والتزمير يتعامون عن أن المرأة ليست نصفنا المقسوم على سراط السكين، ولا نصفنا الذي يلتصق بنا بمادة لاصقة. المرأة تتواشج معنا ونتواشج معها، وتتداخل بنا ونتداخل بها كأصابع اليدين حين تلتحمان، أو كبتلات الأزهار حين تغفو على العبير. فليست الأشياء مناصفة بلهاء، بل هي تكاملات وتواشجات وامتزاجات، لو كانوا يعلمون!.
فتحية للنساء اللواتي يطاردن حصان الزمن بشجاعة وقوة. تحية للواتي يقدمن ساعاتهن عشرة دقائق؛ كي يسابقن أنفسهن؛ لإنجاز مهمات الطبيخ ونفيخ وطلبات زوج كسول، يرى كأس الماء بعيدة عنه، وهي بمدى ذارع. تحية للمرأة التي تكون ربة بيت في الصباح، ومعلمة أو مهندسة أو طبيبة في وسط النهار، ومدرسة أطفال في المساء، وزوجة أنيقة في السهرة.
فالسنة بكامل أيامها ولياليها، لحواء المرأة. الأم، والزوجة، والأخت، والبنت، والزميلة. فوردة عابقة بالصدق للتي جعلت الأرض تدور بالحب، فكانت كوكباً قابلاً للحياة. صباح الخير أيتها الحياة/ المرأة!.
الدستور