صمت أمريكي على كسر بينيت عزلة بوتين!
أمريكا تريد من العالم أجمع أن يقاطع روسيا، وأن ينضم لحملة العقوبات؛ للوصول إلى عزلة تامة بلغت حد الحرمان من الفعاليات الرياضية، والأطعمة من شاكلة ماكدونالدز، فرغبة الانتقام من بوتين وخروقاته للانتخابات الامريكية وحملته في أوكرانيا بلغت حداً لا يمكن التصدي له.
أمريكا بلغت حداً من الهوس في فرض العقوبات والعزلة على روسيا أن تواصلت مع خصمها وعدوها اللدود الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورا؛ على أمل إبعاده عن روسيا، وفتح الباب لنفط وغاز كاراكاس للتدفق إلى الأسواق الأوروبية.
خطوات واشنطن لم تقتصر على مادورو، إذ سارعت الخطى للوصول إلى اتفاق نووي مع إيران، على أمل أن يتدفق النفط في شريان الاقتصاد العالمي، ويُحكم الحصار على روسيا.
لكن الغريب والمفارقة الكبرى؛ أن أمريكا وفي ظل جهودها ومساوماتها المؤلمة مع أعداء الأمس تصمت وتتغاضى عن السلوك الاسرائيلي المنفتح على موسكو؛ الذي بلغ حد كسر عزلة الرئيس بوتين بزيارة قل نظيرها من رئيس وزراء حكومة الاحتلال الاسرائيلي نفتالي بينيت إلى موسكو.. زيارة لم يجرؤ عليها ماكرون رئيس فرنسا وشولتس مستشار ألمانيا.
زيارة بينت جاءت بحجة قوية للعب دور الوسيط والحفاظ على التوازن الذي يتيح لها انتهاك سيادة سوريا وقصف دمشق ومحيطها، ومصادرة أراضي الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم في الضفة، وحصارهم في قطاع غزة.
أمريكا تضغط على الرياض وتكاد تشتبك مع أبو ظبي لرفضها الخروج من اتفاق أوبك بلس؛ اتفاق لن يمثل عائقاً بعد أشهر أمام رفع معدلات الإنتاج؛ إلا أن واشنطن مستعجلة ولحوحة، تهدد وتتوعد من يكسر قيود العقوبات على روسيا من الدول الفقيرة والنامية والصديقة، مستثنية "إسرائيل".
ازدواجية المعايير الأمريكية لا حدود لها عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي، فأمريكا ضعيفة أمام قادة الكيان.. كيف لا وهي على أبواب انتخابات نصفية، ما يجعل من بينيت ورقة رابحة بيد موسكو للتدخل في انتخابات الكونغرس من الثغرة الاسرائيلية هذه المرة.
السلوك الاسرائيلي حوّل العقوبات الامريكية إلى مهزلة، وحوّل التهديد من التدخل الروسي في انتخابات الكونغرس النصفية إلى كلام فارغ يتشدق به الساسة الأمريكان، والأهم أن المعايير الامريكية المزدوجة فتحت الباب للقوي والضعيف للبحث عن سبيل للتمرد على العقوبات الامريكية أسوة بالحليف الاستراتيجي المسمى "إسرائيل".
ختاماً.. أمريكا، وأوروبا من ورائها، جعلت من إسرائيل استثناءً مجدداً، ولكن في واحد من أخطر الملفات الاستراتيجية التي تمس أمنها ومستقبلها في النظام الدولي؛ ازدواجية سيكون لها ثمن مرتفع هذه المرة؛ بفتحها الباب لنزيف استراتيجي أمريكي لن ينقطع، وسيمتد إلى عقر دارها.
السبيل