بايدن يخاطب الجمهور الأمريكي وعينه على الصين
قفز سعر برميل النفط اليوم الاثنين الـى 130 دولارا قبل ان يعود وينخفض الى 125 دولارا؛ فالاسواق اليوم كانت تتراقص على وقع الارتفاع والانخفاض في سعر البرميل الذي يتوقع البعض ان يتجاوز الـ 140 دولارا، في حين يعتقد البعض الآخر انه سيبلغ 200 دولار خلال العام الحالي.
في هذه الأثناء، وعلى وقع الارتفاع الحاد في اسعار النحاس والبلاديوم والالمنيوم والذهب، طبعا الى جانب القمح والغاز، ترقب القارة الاوروبية اعلان البنك المركزي الاوروبي أسعار الفائدة الجديدة للتعامل مع انهيار اليورو أمام سائر العملات، في حين كانت الاسواق ترقب الارقام الجديدة لقيمة التضخم في أمريكا التي استبق الرئيس الامريكي جو بايدن الإعلان عنها بخطاب يحتفي بتوفير 678 ألف وظيفة خلال الشهر الحالي.
بايدن لم يشر من قريب أو بعيد إلى ارتفاع التضخم، وأسعار العقارات والسلع، بل ذهب الى القول بأن السوق الامريكي ستنتج خلال العام الحالي الثاني من رئاسته ما يزيد على 7 ملايين وظيفة جديدة؛ فالرئيس الامريكي يراهن على عجلة إنتاج عرجاء يرتفع فيها كل شيء إلا أجور العمال والدولار!
توافر الوظائف لم يوقف ارتفاع اسعار العقارات، والايجارات في امريكا، ولم يوقف الارتفاع الهائل في أسعار الوقود؛ ما يدفع للتساؤل: هل ستنجح الادارة الامريكية في تحقيق التوازن الاقتصادي المختل حيث الوظائف الجديدة لن توفر لساكنيها أجرة شقة او ثمن منزل وهي تواجه صعوبات في توفير السلع الكمالية، وتعاني من توفير السلع الاساسية؟
فهل يصمد الاقتصاد الامريكي امام هذه المعادلة التي يزيدها تعقيدًا ارتفاع اسعار الطاقة والخامات، مع عجز السوق عن تحقيق التوازن بين العرض والطلب الذي ارتفعت فيه كلف الإنتاج بما فيها الطاقة والخامات، ولم ترتفع فيها قيمة العمل الذي هو عصب الاستهلاك ومغذيه الأساسي؟
تحقيق التوازن الاقتصادي يتطلب من الولايات المتحدة ممارسة ضغوط على شركائها الاقتصاديين لخفض اسعار النفط، او تقديم تنازلات سياسية لخصومها التقليديين في فنزويلا وايران، أو إحياء الشراكة مع الهند والصين لطرح مزيد من الاحتياطات والمخزونات النفطية في الاسواق العالمية.
خيارات واشنطن صعبة؛ فرفع الفائدة سيخلق إشكالات كبيرة للدولار وللدائنين والمدينين، ما يجعله حلًّا لا يتوقع ان ينجح في ظل الارتفاع الجنوني في اسعار الخامات والمعادن والطاقة؛ ما يعني أن الأزمة الاقتصادية تخرج عن حدود السيطرة الامريكية ما لم تلجأ أمريكا إلى الصين والهند.
حلول بايدن مكلفة إستراتيجيًا، ولكنها أقل من الكلفة السياسية المحلية الآنية المرتفعة للانتخابات الأمريكية التي تعتمد الى حد كبير على لوبيات مناهضة للاتفاق النووي الإيراني، ولسياسة الانفتاح على فنزويلا.
بغض النظر عن الزاوية التي تنظر فيها كمراقب الى أمريكا، ستجد أنها تنزف من كل الاتجاهات داخليا وخارجيا، وسواء كان النزيف الامريكي داخليا ام خارجيا فإنها ستبقى رهينة بخيارات لم يعد بالإمكان تجاوزها؛ فالازمة الاوكرانية تحولت الى مستنقع عالمي أمني واقتصادي وسياسي يصعب الخروج منه دون اللجوء الى الصين والهند.
السبيل