اوكرانيا .. العالم على قدم واحدة
الذي تابع خطابات الرئيس الأوكراني في البرلمانات الغربية يتأكد بما لا يدع مجالا للشك بأن التحيز الغربي الأعمى لقضايا بعينها يشكل محور كل السياسات التي طالما خدعت العالم بعدالتها وديمقراطيتها وشعاراتها الزائفة .
لقد دخل الكونجرس الأمريكي وقبله مجلس العموم البريطاني وبعده مجلس النواب الألماني في موجات تصفيق لا تكاد تتوقف ، تأييدا وتشجيعا للرئيس " الشجاع " الذي أطل عبر الفيديو من داخل كييف متحديا جبروت الروس وبوتين وقائلا : لا للتبعية ، وهي مواقف لا تملك إلا أن تعجب بها لكونها تلامس الفطرة البشرية التي جبلت على الكرامة ولكن :
هذا " التمكين" منقطع النظير في البرلمانات الوطنية لرئيس دولة أجنبية له مدلولاته وبواعثه التي تتضح في نتائج هذه الرسائل الموجهة والتي تمثلت بدعم لوجستي وسياسي لم يسجل مثله في التاريخ ، انطلاقا من أن هزيمة روسيا كانت ولا زالت هدفا استراتيجا غربيا يعمل الجميع لتحقيقه ، وتمثل هذا بحجم ونوع الدعم الذي تتلقاه أوكرانيا من الغرب والضغوط التي مورست على موسكو بما لم يسبق أن خطر على بال أحد .
ولأن بوتين صعد على الشجرة بطريقة فجة وعنترية وينتظر فرصة مشرفة للنزول ، فإن وضع السلم له ليتمكن من الهبوط الآمن لن يتحقق لا بواسطة المفاوضات التي تجري بين الطرفين ولا بوقف الدعم العسكري بعد أن قالت تقارير استخبارية غربية بأن الروس بدأوا يعتمدون اسلوب حرب الأستنزاف كطريقة فضلى للتعامل مع الجيش الأوكراني .
لقد وجدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في حرب بوتين على أوكرانيا فرصة العمر لتحييد روسيا وتأديبها والتفرغ للصين التي هي مربط الفرس في كل هذا الدعم الأمريكي السخي للأوكران ، ونتذكر بالتأكيد حلف هاتين الدولتين مع استراليا في قصة الغواصات النووية الفرنسية ، وما من شك في أن الموقف الأمريكي من أي تسوية مع الروس لن يفضي إلى فك الحصار والغاء العقوبات .
القصة وما فيها أن الولايات المتحدة نجحت مع حلفائها في اقتناص الفرصة ، ولا ندري هل لدى بوتين أوراق ربما يخرجها من كمه في اللحظات المناسبة ، أم أنه سيرجع بروسيا إلى بداية التسعينات من القرن الماضي حينما تفسخ الأتحاد السوفيتي أمام عينيه إلى عدة دول بات بعضها الآن أعضاء في النيتو وعلى حدوده الغربية .
الحرب في اوكرانيا لها مفاجآت ، ولربما تكون غير سعيدة للطرفين المتحاربين ، او لغيرهما ، ولأنه لا أحد يعرف المآلات ، فإن العالم كله يقف الآن على قدم واحدة .
جى بي سي