مطلوب تسهيلات حكومية
يشهد العالم استحقاقا طارئا متعلقا بالغذاء، وهذا هو الاختبار العالمي الثاني في غضون الأعوام الثلاثة الأخيرة، حيث تعرض للجائحة، التي فرضت قيودا كثيرا على عجلة الانتاج وعلى سلاسل التزويد والنقل، واليوم تتعرض لظروف قد تكون أشد قسوة وتأثيرا تتركز في مناطق حيوية جدا على صعيد الصناعة والتجارة والانتاج العالمية، وقد توالت الكثير من الأحداث والمواقف التي تؤكد بأننا دخلنا في أتون أزمة غذائية تضرب في مناطق كثيرة من العالم، وجموح في الأسعار والخدمات، ستلقي بعبء ثقيل على الشعوب الفقيرة والنامية التي تعاني من شح الانتاج الغذائي، ولا تمتلك المواد الأولية، وإن ملكتها فهي لا تملك ادوات التصنيع، إضافة إلى ارتفاع كلف الطاقة، التي تعتمد على النفط والغاز، وهما ناظمتان لهما كل العلاقة بالانتاج والنقل..
تعاملت حكوماتنا مع الجائحة وانطلق العمل بقانون الدفاع، واستطعنا أخير وفي عهدة الحكومة الحالية من تجاوز التحديات الأصعب، وكان هناك تسهيلات حكومية كثيرة وتسهيلات أيضا من القطاع الخاص، ساعدت الدولة في تخفيف آثار وتداعيات الجائحة، وخرجنا بأعجوبة من اختبارات صعبة، وكان لوزارة الزراعة ووزارة الصناعة والتجارة ووزارات ومؤسسات أخرى، دور كبير في استمرار انتاج وتوفير الغذاء بأسعار معقولة، ولا ننكر أن أعمالا وقطاعات تعرضت لخسائر كبيرة، لكن وبصورة عامة تجاوزنا تلك المرحلة، وما لبثنا كثيرا في مرحلة التعافي الاقتصادي، حتى حدثت أزمة عالمية جديدة، تتعلق بالغذاء والطاقة والانتاج، وذلك على خلفية الحرب شرق أوروبا، والتي تتداعى بالأسوأ القادم، ومزيد من الظروف التي يتأثر بها انتاج ونقل الغذاء.. وثمة أصوات ونداءات دولية كثيرة، تؤكد ارتفاع أسعار الغذاء وقلة انتاجه وارتفاع فاتورة نقله الى الأسواق..
قلناها سابقا، ونقولها اليوم، لأنها حقيقة تاريخية (الدول تفعل المستحيل للحفاظ على شعوبها، وتأمين الغذاء بأسعار مناسبة، وتوظف كل الظروف والفرص لتحقيق هذا الغرض في مثل هذه المنعطفات الآخذة في التضييق والاحتداد حد الشراسة والتوحش ضد الفقراء)..
زراعتنا بخير، وهي صمام الأمان المتاح، والذي أثبت جدارته وقت الجائحة، واستطاع الاستمرار في تأمين الغذاء المحلي، وتمكن القطاع التجاري الخاص أيضا من الاستيراد، وتعامل الجميع بطريقة مقبولة، وقدمت الحكومة المزيد من التسهيلات، واليوم، يؤدي قطاع الزراعة ووزارته المطلوب، ويسير الانتاج والتزويد بطريقة جيدة، لكننا بحاجة لمزيد من المرونة والتسهيلات المتعلقة بالاستيراد من الخارج، فكثير من مستلزماتنا من السلع تأتي من الخارج الذي يتعرض لموجة متصاعدة من ارتفاع الأسعار وقلة العرض، وهنا يجب أن نتخفف من بعض الاجراءات على صعيد الاستيراد ومصادره، كما نحن بحاجة لتعليمات وربما أوامر دفاع تتعلق بتخفيض الرسوم والجمارك، تخفيضا مؤقتا، يتيح للقطاع الخاص تأمين سلع بسعر ممكن للمواطن، والتخفيف من القيود عن الاستيراد من بعض الأسواق الدولية بل وإعادة النظر بموضوع «المواصفات والمقاييس»، فالمطلوب اليوم تأمين غذاء سليم بسعر ممكن..
نحن نتابع التوظيفات السياسية التي تلجأ إليها دول ديمقراطية وديكتاتوريات، تحاول استغلال الأحداث الجارية، ولاستثمارها لتحقيق مصالحها، ولا أقول بأنه سلوك إنساني أو أخلاقي، لكنها السياسة وهي الوسيلة لتحقيق غايات الرفاه والاستقرار وعدم موت المجتمعات جوعا..
يجب على الحكومة والجهات المعنية الأخرى أن يعملوا على توفير تسهيلات وبدائل، وتأمين غذاء مناسب من الخارج، والحفاظ على المنتجات والصناعات المحلية، فالأولوية للوطن والدولة والشعب، وهي اولوية مقدسة وقرار سيادي.
الدستور