أصداء بوتشا تتردد في إسطنبول وبروكسل
التفاؤل الذي رافق مفاوضات اسطنبول 29 آذار/مارس يواجه انتكاسة قوية بعد الكشف عن مقابر جماعية، وجثث مبعثرة في بلدة بوتشا التي انسحبت منها القوات الروسية بعد التقدم المحدود في مفاوضات اسطنبول.
لم يُتوقع أن يفضي الانسحاب الروسي من محيط كييف الى رفع معدل التصعيد في الجبهات العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية، بل خفضه؛ غير أن بوتشا مثلت انعطافة حادة بددت التفاؤل، ووتر أجواء التفاوض؛ فأصداء بوتشا لم تقتصر على أروقة الحكومة الاوكرانية باتهامها الجيش الروسي بارتكاب جرائم إبادة، أو على البيت الابيض، واتهام بايدن الرئيس بوتين بارتكاب جرائم حرب، او على أروقة مجلس الأمن وردود فعل موسكو.
أصداء بوتشا الحقيقية والعملية تحولت الى دعوات قوية لفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا، تشمل النفط والفحم وسلعاً تجارية تعادل 10 مليارات دولار تشمل أشباه الموصلات والتكنولوجيا المتعلقة بتسييل الغاز .
عقوبات ناقشها وزراء مالية الاتحاد الاوروبي المجتمعين في لوكسمبورغ؛ فأحداث بلدة بوتشا فتحت شهية الولايات المتحدة لفرض مزيد من العقوبات على روسيا، وشجعت دول البلطيق وبولندا على إعادة فتح ملف فرض العقوبات على النفط والغاز الروسي مجدداً.
الضغوط الاوروبية والامريكية أحرجت مجدداً كلًّا من ألمانيا والنمسا وإيطاليا بعد بوتشا بتجدد الدعوات لمزيد من العقوبات والقيود على روسيا؛ عقوباتٌ عمدت إيطاليا إلى تجنبها بالإعلان عن طرد 30 دبلوماسيًّا روسيًّا لإرضاء شركائها الأوروبيين والامريكان، في حين أبدت ألمانيا والنمسا مرونة عالية لفرض عقوبات على الفحم وسلع اخرى دون النفط والغاز.
الضغوط لفرض مزيد من العقوبات سبقها الجدل حول إمكانية اشتراط موسكو شراء النفط والغاز بالروبل الروسي؛ ففي الوقت الذي أبدت فيه المجر ومن ورائها سلوفاكيا استعدادًا لذلك جاءت أحداث بوتشا لتدفع سلوفاكيا إلى الإعلان عن رفضها الشروط الروسية المتعلقة بالروبل، في حين أن ألمانيا وإيطاليا والنمسا والمجر ما زالت عالقة تراوغ بحثًا عن آليات معقولة ومؤقتة للدفع ترضي الشريك الروسي.
ختامًا..
أصداء ما سمي "مجزرة بوتشا" تتردد في أرجاء القارة الاوروبية، دافعة الاطراف مجددًا لإعادة التموضع، والاستعداد لموجة جديدة من القتال لا يُعلم إن كانت ستمتد أسابيع أم أشهرًا؛ فهذا نمط سيتكرر على الارجح في المفاوضات وميدان الصراع في اوكرانيا واوروبا والساحة الدولية.
السبيل