القدس والاقصى والتقسيم
ربع مليون مصل أموا المسجد الاقصى ليلة القدر في رمضان ، رغم التضييق والحظر والاغلاق والمنع والتنكيل ، ومثلهم ليلة التاسع والعشرين ، وقد شاهدنا كيف ان الفلسطينيين من خارج القدس تسلقوا جدار الفصل العنصري وتوجهوا الى الاقصى ، ولو كان الأمر ميسورا لوصله الملايين من اراضي الخط الاخضر والضفة وغزة ، فما بالكم لو أن الاقصى كان محررا وخطوط الوصول اليه متاحة للجميع ؟.
هو ليس مسجدا تقام فيه الصلوات فحسب ، بل هو احد ثلاثة مساجد لا تشد الرحال إلا إليها : البيت الحرام في مكة ، والمسجد النبوي في المدينة ، والمسجد الأقصى .
هو بوابة السماء من الأرض ، إذ لم يعرج بالرسول الكريم الى السماوات العلى من مكة مباشرة ، بل اسري به الى هذا المسجد ، قبل ان يرقى إلى أن وصل سدرة المنتهى التي عندها جنة المأوى .
هو المسجد الذي يقع في ارض المحشر ، وهو الذي قال فيه الرسول الأعظم : إن فيه طائفة لا يضرهم من خالفهم ، وعندما سئل اين هم قال " في بيت المقدس واكناف بيت المقدس " ، اي في عموم الشام التي بوركت لأجله ، وها نحن نرى المرابطين المقدسيين وغيرهم لا يتوانون عن الرباط بلا عدة ولا عتاد إلا من سلاح الإيمان .
المسجد الاقصى المبارك هو كل الجبل وليس ما يظنه كثيرون أنه المسجد القبلي او قبة الصخرة ، بل هو الجبل جميعا ببنائه وساحاته : ( حقيقة يجب ان يعيها الجميع لكي لا تنطلي عليهم ألاعيب تسعى لترسيخ مفهوم ان المسجد الاقصى هو قبة الصخرة او المسجد القبلي ) وما نراه اليوم ورأيناه في رمضان من اعتداءات جبانة عليه وعلى أهله فضحت اهداف الاجراءات التي اتخذها المستوطن بينت في التقسيم الزماني والمكاني ، وقد رأينا كيف ان هذا التقسيم سمح لليهود بالزيارة من ساعات الصباح الاولى بعد صلاة الفجر الى قرب صلاة الظهر ، وهكذا فعل من قبل بالمسجد الابراهيمي في الخليل إلى أن تم تقسيمه بالفعل مكانيا وزمانيا ، وهو هدف استراتيجي صهيوني خبيث يراد له ان يكون امرا واقعا .
ان القدس هي اولا ، والقدس هي آخرا ، ولسان حال الفلسطينيين الذين يدافعون بصدورهم العارية عن قبلة الأمة الأولى وكرامتها هو ما قاله الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم عمر : فإما حياة تسر الصديق واما ممات يغيظ العدا .