هل يحق للبنوك أن ترفع الفائدة على قروض قديمة؟!
الاقتصاد حول العالم مضطرب، ويتعرض لهزة تلو هزة، ونسب التضخم في ارتفاع في البلدان المنتجة، وهذه حقائق يعاني منها العالم منذ ما قبل كورونا، لكنها تزايدت بسبب الجائحة، وقد تبلغ ذروتها بسبب الحرب الدائرة في أوروبا.
قام البنك الفيدرالي الأمريكي برفع نسبة الفائدة على الدولار، وأعتقد بأن بنوكنا نفذته، حيث سارعت بإرسال رسالة لعملائها، بأن نسبة الفائدة على قرضهم ارتفعت بموجب قرار للبنك المركزي الأردني، وبينوا قيمة القسط الشهري الجديد !! علما أن القروض قديمة، وتم التعاقد بشأنها بين المقترضين والبنوك، على نسبة ما من فائدة، بعقد سمح للبنك أن يرفع نسبة الفائدة من طرفه اعتمادا على رفعها من قبل البنك المركزي، ودون العودة للمقترض وموافقته !.
رواتب الموظفين كما نعلم ثابتة، ولا تتأثر لا بمعدلات تضخم ولا بارتفاع أسعار ولا حتى بكوارث، وأسعار السلع لا تنخفض مهما ارتفعت، فكل الجهات تشحذ أسلحتها للإنقضاض على جيب المواطن، بينما لا غطاء له، ولا قوانين تحميه فعلا من هذا المزاج الإقتصادي المتعاظم بالغلاء، وإن كانت معظم العوامل المؤثرة على هذه الأزمات الإقتصادية خارجية، فثمة ما يتطلب شرحا وتفسيرا قانونيا وإنسانيا ووطنيا فيما تعلق بالمواطن الأردني الذي يزداد حاله سوءا، فكيف يتم السماح للبنوك بأن ترفع قيمة القسط الشهري على قرض قديم، وهل هذا الموضوع قانوني؟!.
قد يخرج آلاف من الموظفين القانونيين وغيرهم، من موظفي البنوك ويجيبوا بأن هذا الإجراء قانوني، لكن القضاء الأردني ومن خلال محكمة التمييز سبق له وأن قال بأنه إجراء غير قانوني ولا يحق للبنك أن يرفع من قيمة قسط على قرض قديم مهما ارتفعت نسب الفائدة التي يحددها البنك المركزي، فهذه النسبة تتعلق بالقروض والتعاملات المالية التي تتم بعد قرار البنك المركزي، وهو القرار رقم 1208/ 2019 بتاريخ 31-12- 2019.. (على ذمة وعهدة وسائل إعلام)، حيث يقال بأن محكمة التمييز أصدرت حكما يمنع البنك أن يزيد الفائدة على المقترض في عقد سبق وأن تم توقيعه بين المقترض والبنك، واعتبر القرار بأن أي رفع على المقترض بعد توقيع العقد باطل، حيث اعتبر القرار بأن الشرط المكتوب بالعقد والذي يتيح للبنك رفع سعر الفائدة من طرف واحد، شرط باطل رغم وجوده في العقد (حسب القرار المتداول بين أيدي الناس برقمه السالف الذكر).
وحتى نكون منصفين، نذكر بأنه خلال جائحة الكورونا، وحين قام البنك المركزي بتخفيض سعر الفائدة، قامت البنوك بتخفيض قيمة القسط، وقد جاء قرار البنك المركزي والبنوك آنذاك، ضمن حزمة من إجراءات اتخذتها الدولة للتخفيف عن الناس من الآثار السيئة الناجمة عن الجائحة والإغلاقات التي دعت إليها إدارة الأزمات، بموجب أوامر قانون الدفاع المعروفة، للحد من تفشي الوباء، وقد كان موقف البنوك وطنيا ينطوي بعد إجتماعي طيب، وبغض النظر عن قانونية أو عدم قانونية قرار البنوك رفع الفائدة على قروض قديمة، فإن المطلوب والمتوقع في مثل هذه الظروف التي تزيد في حدتها وسوئها عن ظروف الجائحة والإغلاقات، إن الأدعى والأنسب أن لا تقترب البنوك من أسعار فائدة القروض القديمة على الأقل، وليس المطلوب أن توجه رسائلها للمقترضين برفع الفائدة على قروضهم.. فحال المقترض والموظف وسائر المستهلكين أسوأ من حال البنوك وأسواق المال، والقادم قد يكون أكثر سوءا، سيما وأن عملتنا مرتبطة بالدولار الأمريكي، الذي سيعاني بدوره من تحديات وانخفاض على قيمته في سوق العملات بسبب الحرب، وبسبب الصحوة العالمية التي باتت تحارب هيمنة الدولار على اقتصاد العالم.
نحتاج لقرارات أردنية وطنية محلية.. بشأن الحال وقلة المال، تمنع تغوّل رأس المال على المواطنين البسطاء (المديونين)، بعيدا عن تقلبات مزاج أسواق المال المنبعثة من مزاج وأصوات (قعقعة السلاح) بين الكبار.
الدستور