جنازة شيرين أبو عاقلة
الإعتداء على جنازة شيرين ابو عاقلة من قبل قوات الإحتلال الجمعة (هي الشهيدة 55 من الصحفيين الفلسطينيين ) لا يكشف طبيعة هذا الإحتلال ولا طبيعة المأزق الذي وقع فيه عقب اغتيالها بعد هذا التعاطف العالمي غير المسبوق والإدانة التي تكاد تكون إدانة العصر .
هو بالتأكيد لا يكشف شيئا ، فهذا الإحتلال العنصري الفاشي يرتكب كل يوم مجازر واعتداءات وملاحقات وجرائم لم تنقطع منذ احتلال فلسطين التاريخية إلى الآن .
نقول ذلك ، لأن الإحتلال ، وكما هو واضح ، والذي تعمد اغتيال شيرين تعمد أيضا أن يتصرف هكذا في اعتدائه على الجنازة ، وهو يعلم بأن كل كاميرات العالم تقوم بنقل الحدث ، ما يؤكد بأن الصلف الذي وصل إليه شذاذ الآفاق هؤلاء لم يبلغ مداه أحد قط ، وطالما أن الإدارة الأمريكية ، لن تسمح بمحاسبة هذا الكيان على جرائمه فسيستمر في سلوكه المتغطرس ، وعن ذلك قال تعالى " وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا - 4 الإسراء﴾ وها هو لسان حاله يقول : أقتل الصحفيين وأعتدي على جنازاتهم وليشرب العالم ماء البحر " .
مثقوب ضمير هذا العالم المنافق ، مثقوب حد الفضيحة ، ونتحدث هنا عن حكومات وليس عن شعوب هي مغلوبة على امرها في كل أصقاع الدنيا ، ولقد جربنا في حادثة سابقة تعمد الغرب والشرق أن يتناساها عندما وقع الإعتداء على كنيسة المهد قبل عقدين من الزمن وتحديدا في الثاني من ابريل إلى العاشر من مايو 2002 ، حين تم حصار الكنيسة التي ولد فيها المسيح عليه السلام 39 يوما متواصلة ، بعد أن زعم الجيش بأن مسلحين فلسطينيين يحتجزون 200 من الرهبان وهو ما كذبته الكنيسة رسميا معتبرة بأن الفلسطينيين الذين كانوا بداخلها إنما لجأوا اليها للدفاع عن أنفسهم ، وبعد أن تبين للعالم أجمع كذبة الصهاينة وانحطاط روايتهم ، نسي كل ذلك مع ما تعنيه كنيسة المهد لكل مسيحيي العالم ، ومن أجل ذلك ، فإننا لن نعول كثيرا على أن يتحرك أحد أمام اعتداء إجرامي على نعش الشهيدة في كنيسة الروم الكاثوليك في القدس ، لأن الكيان متيقن بأنه سيفلت من العقاب وبان بإمكانه فعل أي شيء وأمام الكاميرات دون أن يطاله عقاب .
وحدهم الفلسطينون يعرفون كيف يجب التعامل مع هؤلاء الغزاة ، ولقد رأى الصهاينة، وهذا أشد ما يؤلمهم ، كيف أن الذي رفع في جنازة شيرين كان العلم الفلسطيني فحسب ، ولم ترفع أي راية أخرى لأي فصيل ، وكيف أن الفلسطينيين - بجميع فئاتهم وطوائفهم من مسلمين ومسيحيين - توحدوا وأرسلوا رسالة مفادها : بأن هذا الشعب لن يهزم ، وبأنه المنتصر لا محالة .
لقد فضحت شيرين بجنازتها طبيعة هذا الإحتلال المفضوح وعلى مرأى من الدنيا بأسرها ، وإذا كان قاتلوها نشدوا إسكات صوتها إلى الأبد ، فها هي جنازتها تقاتلهم بكل رجولة لتقول لهم شيرين من نعشها ومن مدفنها في القدس المحتلة : أنا شيرين أبو عاقلة ، لم أمت ، وسألاحقكم حتى النصر ايها القتلة !.
جى بي سي نيوز