العالم البشع بوجود إسرائيل
بحزن وغضب ودعنا أمس الصحفية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة. جيل كامل من الشباب نشأ وكبر مع صورتها وصوتها على شاشة قناة الجزيرة تغطي من موقع الحدث انتفاضة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال. دون ادّعاء وخطابة فارغة بل بالمهنية والتواضع والمعلومات الموثقة والمخاطرة بالحضور والتغطية الميدانية على خطوط المواجهة الساخنة مع قوات الاحتلال على كل تلّة وفي كل شارع وزاوية. كانت تخدم قضية شعبها وتفضح المحتل وتعري حقيقته الفاشية القذرة بالصوت والصورة أمام العالم حتى مهمتها الأخيرة في جنين حيث تلقت الرصاصات القاتلة لتصبح هي موضوع الخبر الدامي الموشح بالألم والغضب والحزن، الغضب والحزن الذي عمّ كل مكان داخل وخارج فلسطين.
ليست أول خسائر الفلسطينيين ولن تكون آخرها ما دام الاحتلال يجثم على صدورهم يستبيح ارضهم وبيوتهم، يسمم هواءهم ويقتلع اشجارهم وينسف بيوتهم ويحرمهم من الحق الأولي البديهي بالحرية الاستقلال والمواطنة، حقهم ان يكون لهم دولة على ارضهم وجنسية مثل كل أهل الأرض.
احتل الصراع في فلسطين كامل مساحة القرن العشرين وكان انشاء الكيان الصهيوني وبقاء القضية الفلسطينية دون حل عادل بمثابة صندوق باندورا مصدر كل الشرور. ودخلنا القرن الحادي والعشرين وثمة احتلال وحيد وشعب وحيد ما زال محروما من حقه في المواطنة والدولة المستقلة هو شعب فلسطين.
نحزن كثيرا لمعاناة وخسائر الشعب الأوكراني ونتمنى حلا سريعا لهذه المعاناة لكن لن نهضم ابدا هذه الهبّة الأمريكية الغربية العظمى اليوم فيما يستمر تجاهل احتلال غاشم يحرم منذ قرن شعبا وبلدا عريقا من حقه الطبيعي في الحرية والاستقلال. ولن نهضم كل هذا النبل والإنسانية والتركيز الإعلامي وتداول القصص المؤثرة في مكان وتجاهلها في مكان آخر. ولن نهضم تجييش حملة عقوبات لم يحدث لها نظير في التاريخ ضد «المحتل الروسي» والتباخل حتى بإدانة خفيفة لوحشية المحتل الإسرائيلي حتى وهو يقصف الأحياء السكنية العزلاء في غزة بالطائرات.
وجود إسرائيل والقوة الغاشمة للاحتلال المكفولة كليا من الولايات المتحدة والغرب ما زالت تشوه التاريخ الحديث للعالم بالكذب والتزييف والتمويه على حقيقة اغتصاب الأرض والتاريخ والانسان وتزيين البشاعة، بشاعة الممارسات القذرة بحق الفلسطينيين. نقول ذلك ونداري خجلا في نفوسنا واحساسا بالخزي أن عربا من بني جلدتنا ينسلون اليوم من مأتمنا الى الحفل المجاور حفل التواطؤ مع البشاعة والنذالة والنفاق على حساب فلسطين.
الدستور