لبنان بعد انتخاب بري
ليس بوسع اي مراقب القول بأن ما اسفرت عنه انتخابات رئاسة مجلس النواب اللبناني يبشر بتغيير يطمح إليه اللبنانيون ، بعد أن حصل نبيه بري الذي تسنم رئاسة المجلس منذ 31 عاما على أدنى نسبة في تاريخه " 65 " صوتا ، والذي حاول تهدئة الجميع بكلام إنشائي أجيب عليه مقدما وقبل بدء اعلان نتيجة التصويت حينما تم الغاء 40 ورقة طالب موقعوها بتغييرات أو دونوا شعارات خارجة عن سياق الإنتخاب ، بالاضافة الى 23 ورقة بيضاء، يضاف إليها انتخاب الياس بو صعب ، ممثل التيار الوطني الحر كنائب لبري ، ما يشي بطبيعة القيادة البرلمانية في المرحلة المقبلة .
لم يعد ما اصطلح عليه 8 آذار ، ممثلا بـ " الوطني الحر" عون ، وحزب فرنجية " المردة " و" أمل " نبيه بري ، و"حزب الله" حسن نصر الله ، وغيرهم ، لم يعد يشكل أغلبية في البرلمان الجديد كما كان عليه الأمر في المجلس السابق ، ولكن هذا التيار لا زال قادرا على شق الصفوف وتعطيل البلد في المرحلة القادمة خاصة إذا علمنا بأن المعسكر الآخر المكون من نواب مستقلين وحزب الكتائب " جميل " و" القوات " سمير جعجع وغيرهم ، لم يتمكن حتى خلال انتخاب المكتب الدائم من الإتفاق على " إجماع " من نوع ما ، وهو ما سجله انفلات أحد التيارات المعارضة " اللقاء الديمقراطي " الذي يتزعمه جنبلاط حتى قبل التصويت ، بعد أن منح بري أصوات نوابه وهنا تبدأ العورة بالإنكشاف ،وتخرج التساؤلات عن مدى قوة هذا التيار المناوئ لأمل وحزب الله في المرحلة القادمة .
كل ما يمكن قوله في انتخاب بري وانكشاف القوى داخل المجلس هو أنه لن يمر لبنان بسلام للتوافق على حكومة ورئيس جديد وسيظل البلد معطلا إلى ما شاء الله ، فالتقسيمة السياسية هي ذاتها وإن ضعفت قبضة التحالف الشيعي نسبيا، ولا زال " الجميع " قادرا على إعاقة "الجميع " لأن تغييرا حقيقيا لن يكتب له النجاح في ملعب يسيطر عليه السلاح بينما يقف الشعب اللبناني الذي انتفض في 2019 على المدرجات مشدوها وحائرا وضعيفا ومكسورا ، وقد انتهى للتو من مشاهدة مباراة مسموح فيها اللعب بلا حدود زمنية وليس من قواعدها أبدا اللجوء إلى ركلات الترجيح .
جى بي سي نيوز