اغتيال الصحافيين الفلسطينيين… شيرين أبوعاقلة نموذجاً
على الرغم من كل الحقائق التي أكدت اغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة في الحادي عشر من أيار /مايو المنصرم، من قبل الجيش الإسرائيلي وبقرار سياسي ممنهج، أصدر الجيش الإسرائيلي أخيراً تقريراً أكد خلاله أن هناك احتمالا كبيرا جداً أن الجندي الذي أطلق النار على شيرين بالخطأ وقتلها لن يحقق معه، الأمر الذي يشير أن إسرائيل تسعى إلى تضليل الرأي العام ، وتالياً اغتيال الحقيقة عبر الصورة التي كشفت وتكشف على مدار الساعة عنصرية وفاشية دولة الابارتايد الإسرائيلية ، ولهذا لابد من استثمار قضية الشهيدة شيرين ، والمطالبة بتحقيق دولي عادل عن اغتيالها وعن قتل الجيش الإسرائيلي لمائة ألف فلسطيني منذ عام 1948، وكذلك اغتيال مائة وستة صحفيين فلسطينيين منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.
حجب حقيقة المحتل
باستشهاد أبو عاقلة ليس الانتهاك الوحيد من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، فقد تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية من اعتقالات وقتل وعرقلة في الأحداث الميدانية التي يغطيها الصحافيون على الأرض خلال الاجتياحات في الضفة الغربية، والحروب على القطاع، والاقتحامات في الأقصى، والانتفاضات السابقة، وحتى في الفعاليات السلمية الأسبوعية ، ومنذ انشائها عام 1948 قتل الجيش الإسرائيلي (100) الف فلسطيني وتم توقيف واعتقال مليون فلسطيني لمدد مختلفة ، وثمة (4500) أسير فلسطيني في المعتقلات الصهيونية حتى اللحظة، بينهم العشرات من الأطفال والشيوخ والنساء ، ومن أجل حجب حقيقة إجرامها وعنصريتها وفاشيتها ، اغتيال الجيش الإسرائيلي والأذرع الأمنية لـ (106) صحافيين فلسطينيين محاولة لتغييب حقيقة إسرائيل من خلال الصورة ، من بينهم (55) صحافياً منذ انطلاقة الانتفاضة الثانية في نهاية أيلول/سبتمبر من عام 2000.
المركز الفلسطيني للحريات
وكان المركز الفلسطيني للحريات والتنمية “مدى” قد وثقّ خلال عام 2021 ما يزيد على 368 انتهاكا، من بينها 155 انتهاكا مباشرا بين إصابات وقتل، حيث استشهد ثلاثة صحافيين خلال العدوان على القطاع هم: محمد شاهين، وعبد الحميد الكولك، ويوسف محمد أبو حسين، جنباً إلى جنب وثق المركز أيضا قصف الاحتلال لـ(33) مقرا صحافيا في قطاع غزة خلال العدوان، منها ما دُمّر تدميرا كليا، كما أنه تمّ توثيق (100) انتهاك ضد الصحافيين خلال العام الجاري 2022، معظمها خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، وتركزت ضد الصحافيين في القدس المحتلة ومخيم جنين، خلال تغطيتهم الأحداث.
والملاحظ أن هدف إسرائيل من وراء ملاحقة الصحافيين الفلسطينيين واغتيالهم، هو تغييب الرواية الفلسطينية، بغرض فرض الرواية الإسرائيلية لاحتلال إسرائيل، ولهذا لاحق الموساد الإسرائيلي القلم الفلسطيني ايضاً خارج فلسطيني، ليغتال الكاتب والأديب الفلسطيني في بيروت والكاتب الفلسطيني ماجد أبوشرار في العاصمة الإيطالية روما عام 1981، وكذلك اغتيال الكاتب والإعلامي حنا مقبل في قبرص عام 1984.
العدالة الدولية
بعد انكشاف فاشية وعنصرية إسرائيل إزاء الشعب الفلسطيني، فضلاً عن ريائها وتضليلها بشأن حقيقة اغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة من قبل الجيش الإسرائيلي، وتوثيق ذلك بالصوت والصورة، بعد ذلك كله لابد من استثمار قضية استشهاد أبوعاقلة والإبقاء عليها وتسليط الضوء عليها بشكل متواتر إعلامياً وقانونياً، من خلال التعاون والتعاضد مع مؤسسات إعلامية وقانونية في دول العالم، وتالياً الضغط على المنظمات الدولية ذات الصلة، وفي المقدمة منها الجنائية الدولية لتحقيق العدالة للشهيدة شيرين أبوعاقلة، ولينال القاتل جزاء جريمته واضحة المعالم والموصفة من قبل مؤسسات إعلامية حقوقية فلسطينية ودولية على حد سواء.
أشار الاتحاد الدولي للصحافيين، إلى أنه “تم استهداف الصحافيين الذين يرتدون سترات صحافية محددة بشكل دقيق من قبل قناصة إسرائيليين، وشهادات الصحافيين الذين كانوا برفقة شيرين أبو عاقلة تؤكد أن استهدافها كان متعمدا ومنهجيا”، كما أشارت نقابة الصحافيين الفلسطينيين، إلى “أننا نحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة بحق حرية الصحافة، وجريمة الاحتلال التي استهدفت الزميلة أبو عاقلة هو عمل مقصود ومدبر وعملية اغتيال حقيقة كاملة الأركان”، في حين أشارت الصحافية الفلسطينية شذا حنايشة بمقابلاتها الصحافية المختلفة ، حيث كانت ترافق شيرين لحظة اغتيالها واستشهادها، إلى أنّ “جيش الاحتلال تعمّد قتلنا كصحافيين ولم استطع إسعاف الزميلة شيرين، بسبب إطلاق النار الإسرائيلي” موضحة أنّ “جيش الاحتلال انتظر وصولنا إلى منطقة مفتوحة وبدأ إطلاق النار تجاهنا، فأصاب أحد الزملاء قبل أن يستهدف شيرين” لافتة إلى أنّ “قوات الاحتلال الإسرائيلي، منعت وصول سيارات الإسعاف لإنقاذ شيرين أبو عاقلة” وقد يعزز التوجه لتحقيق العدالة لشيرين أبوعاقلة وعدم إفلات إسرائيل من التجريم والعقاب؛ مقاطعة مزيد من المؤسسات الأوروبية والأمريكية لبضائع المستوطنات الإسرائيلية والجامعات الإسرائيلية.
القدس العربي