من يستفيد من الدعم؟
على سـبيل التقدير الجزافي زعمنا أن ثلاثـة أرباع الدعم الاستهلاكي الذي تتحمله الخزينـة يذهب لذوي الدخل العالي الذين يشكلون ربـع السكان، في حين يذهب ربع الدعم فقـط لصالح الفقراء ومحدودي الدخل الذين يشـكلون ثلاثة أرباع السكان، أي أن حصة الغني من الدعم تعادل تسـعة أمثال حصة الفقير.
رئيس اللجنة المالية المنبثقة عن لجنة الحـوار الاقتصادي أيمن المجالي أعطى أرقاماً محـددة عندما ذكر أن متوسط حصة المواطن الشهرية من الدعم الحكومي تبلغ 16 ديناراً في الشهر، ولكن حصة الغني تصل إلى 5ر28 دينارا، مقابل 5ر8 دينار يحصل عليها المواطن الفقيـر شهرياً.
الأغنياء الذين لا يسـتحقون الدعم ولا يحتاجونه يحصلون على 77% من الـدعم الكلي، مقابل 23% للفئة المستحقة، وهـذا ظلم وهـدر شديد للمال العام، خاصة وأن الدعـم موزع حسب القـدرة على الإنفاق، وتزداد حصة الفرد منه كلما كان استهلاكه أكبر، تطبيقـاً لقاعدة: من معه ُيعطى وُيزاد ومن ليس معه يؤخـذ منه!.
ليس هـذا بالطبع هـدف الحكومة من إنفاق ُخمس الموازنـة على دعم السلع، بل إن هذه الخطوة تسير بالاتجاه المعاكس لعدالـة توزيع الدخل.
اللجنة المالية قدمت مقترحات وبدائل لإصلاح عملية الدعـم بحيث يمكن تخفيض العبء المالي على الخزينة إلى الثلث، ويصل الدعـم للمستحقين. ومن الأفكار المطروحـة البطاقة الذكية والدعم النقـدي عن طريق زيادة الرواتب وتعويم الأسعار.
أعضاء في اللجنة انتقدوا الحكومة لعدم استجابتها للتوصيات السابقة للجنة، وليس لهم حـق في هذا النقد، فالقـرار متروك للحكومـة، وهي التي تتحمل المسـؤولية سلباً وإيجـاباً، وما تقدمـه اللجنـة ليس أكثر من توصيـات غير ملزمة لتنوير الحكومة وتعريفها بالخيارات المتاحـة لها، ونخشـى أنها لن تأخذ بأي منها.
الدعم الاستهلاكي بشـكله الحالي محمي من قبل أصحاب الأًصوات العالية الذين يريدون أن تبـدو كمن يدافع عن الفقـراء، مع أنهم في الواقـع يدافعون عن مصالح الأقوياء الذين لا يحتاجون إلى الدعم ولا يسـتحقونه. حتى الحـزب الشيوعي الأردني الذي يفتـرض به أن ينطـق باسـم الفقراء اعترض على فكرة إلغاء الدعم الشـامل للسلع واسـتبداله بدعم نقـدي للمستحقين، فليس بالإمكـان أبدع مما كان!(الرأي)