الوحدة الوطنية.. أخطر من صواريخ القسام!

- الكلام للفلسطينيين فهذه فرصتكم الاخيرة لانجاز المصالحة، فقد تغير الظرف الاقليمي والعربي وقد حان موسم ان تعيدوا زرع الثقة في مؤسستكم التي دمرتموها بالخروج منها أو التشكيك فيها أو استبدالها بغيرها..صحيح أن اعادة تأهيل منظمة التحرير الفلسطينية وبنائها ليس سهلاً، ولن تكون اطاراتها أو العلاقات داخلها كما كانت من قبل فهي الآن ستكون أوسع وأكثر جدلاً وتشابكاً وتعددية في الرؤية للصراع مع العدو الاسرائيلي ومع المحيط العربي ومع التشابك مع القوى في الاقليم..
لقد جرى تهميش القيادات الفلسطينية كثيراً وافقادها مبادراتها وصلتها مع الشعب الفلسطيني حتى غدى الكثير من هذه القيادات يشعر بالتهميش أو النبذ أو عدم القدرة على التواصل مع قضايا شعبه أو ترجمتها وهذا ما خلف الاحباط واليأس وجعل الكثير من القيادات القائمة تتساءل ان كانت تستطيع أن تفعل شيئاً أو تقوى أن تفعل..
الارادة مكتنزة في الشعب الفلسطيني نفسه وامتلاك هذه الارادة أو انعكاسها في قيادات فلسطينية واعية وذات برامج وقدرة على قراءة الواقع وتقديم تشخيص عملي له يبتعد عن المغامرة ولا يتماهى في الاستسلام..هذه الارادة ان قامت الان_وأعتقد أن الظرف يواتيها فلن تعدم الوسيلة فقد اجترح الشعب الفلسطيني من قبل الحجر ليكون وسيلة للمقاومة في الانتفاضة الأولى وقد أدخل اللفظة الى القاموس العالمي..
نعم يستطيع الشعب الفلسطيني ان يعيد بناء ارادته في وجه احتلال لن يتزحزح الا بالمقاومة وللمقاومة أشكالها ابتداء من المغامرة المسلحة التي قد لا تخدم اهداف الشعب الفلسطيني مرحلياً وانتهاء بأشكال عديدة أخرى بقيت معطلة لسوء الاجتهاد والاستنكاف عن الاستعمال..
لا تصغروا اكتافكم فاسرائيل اضعف من أن تصادر ارادة الشعب الفلسطيني في نيل حريته لو توفرت له قيادة تسمح بترجمة خياراته ورؤيته واذ التقيتم بعد طول اختلاف فإن الصيغة التي تخرجون بها من أجل بناء حكومة واحدة ومصالحة اجتماعية في أعقاب الخلافات والانقسامات والاحتقانات ..ومن اجل برنامج للانتخابات يضمن للجميع المشاركة والعمل على ترميم منظمة التحرير وتفعيلها ..كل هذه النقاط وغيرها ليست سهلة الانجاز لطبيعة التشعبات والاجتهادات واختلاف الرؤى وحتى التدخلات والضغوط ولكن كل هذه العقبات لا بد أن تكون مقدوراً عليها بالعمل والتضحية حين يكون بديل مجموعات بشرية يتواصل اضطهادها وانكار حقوقها في حريتها وفي ترابها الوطني وحقها في اقامة دولتها المستقلة عليه..
يأتي الفرقاء بتصورات مختلفة..منهم من يريد تحرير فلسطين من النهر الى البحر ومنهم من يريد أن ينفذ بامتيازاته ويأخذ عباءته ومنهم من يريد استمرار الوضع الراهن ومنهم من يريد دولة مستقلة على حدود 1967 ومنهم من يعتبر نفسه طليعة أمة ممتدة في العالم يحمل برنامجها التبشيري ومنهم من يشكك في الواقع ويهرب منه ويطالب بتأجيله، ومنهم من..وكثيرون.. وهذا الاختلاط وحتى الخلاف لا يجوز أن يفسد التلاقي على بناء الوحدة الوطنية التي عليها ان تجمع كل هذا الشتات لتصنع قواسم فيه ولو في الحد الأدنى على قاعدة أن الوطن هو فلسطين وانها محتلة وأن المهمة الآن هي مرحلة التحرير الوطني وانه يمكن البناء على ما تحقق والتطلع الى ما سيحقق باستمرار أشكال الكفاح على تعددها..
على الفلسطينيين أن يقبلوا بعضهم وأن يحترموا وجهات نظر بعضهم وان يخرجوا من اطار تكفير بعضهم أو تخوين بعضهم او اعتبار الاجتهاد جريمة..
هناك مساحات للقاء والنجاح فليجر استغلالها..لتصمد القيادات الفلسطينية الآن أمام خيار الوحدة والانخراط فيه كما صمد الشعب الفلسطيني وهي في خيارها هذا ستستبدل الشعارات المجانية والكلام الكبير بواقع عملي جديد صعب ومكلف وستكون حياة هذه القيادات مهدداً فالوحدة الفلسطينية سلاح أخطر على اسرائيل من صواريخ القسام وأخطر من العمليات الانتحارية وأخطر من البدء في خوض أي معركة مسلحة واخطر من الاعتراف بالدولة في الامم المتحدة..
انجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية عملياً هو الاخطر وعلى القيادات الفلسطينية ان تجرب ذلك وان تستعد لذلك وأن تسلح بذلك وأن تسجل اسماءها في التاريخ ان مضت الى ذلك.. (الراي)