امكانية حقيقية للفاشية
تم نشره الخميس 29 كانون الأوّل / ديسمبر 2011 12:40 مساءً

نوريت ايليشتاين
قبل نحو من سنة كتب شلومو افنيري انه ينبغي ألا نرى اسرائيل دولة فاشية ("أفاشية؟ أضحكتموني"، "هآرتس"، 15/11/2010). وكتب افنيري ان النظام في الدولة الفاشية يتعقب المواطنين ويسجن بلا محاكمة ويحد الحركة ويقيم جهاز تربية واحدا إملائيا وغير ذلك.
أعلن المستشار القانوني للحكومة برسالة دراماتية ان اقتراحات "قانون الجمعيات" التي تريد ان تقيد التبرعات من دول اجنبية لمنظمات في البلاد، تمس بحقوق دستورية، وانه لن يدافع عنها في المحكمة العليا ("فنشتاين لنتنياهو: اقتراح قانون الجمعيات غير دستوري"، تومر زرحين، "هآرتس"، 7/12).
منذ زمن غير بعيد سنت الكنيست "قانون القطيعة"، الذي يضر ضررا بالغا بمباديء أساسية كحرية التعبير وحرية التنظيم والحق في المساواة. فلا جرم أثار القانون ردودا صعبة. ومن المفارقة الشديدة ان القانون لا يفرض عقابا على مجرد المشاركة في قطيعة مع الدولة (أو جهات موجودة داخلها)، بل على الدعوة الى القطيعة. وان فرض عقاب على دعوة الى عمل يجسد حرية التعبير السياسي، هو امر مزعزع من جهة ديمقراطية.
ان الافتراض الأساسي للقانون هو ان الدولة كيان ذو كرامة ولا يجوز المس بكرامتها لئلا تشعر بالاهانة. وهذه فكرة خطيرة تتصل بمفكري القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الذين رأوا الدولة مثالا عقلانيا وكيانا مستقلا مميزا عن الأفراد الذين يعيشون فيه. وكانت هذه الفصول من تاريخ الفكر السياسي ملزمة للدولة الشمولية.
لا يعمل الساسة في فراغ وهم عالمون بمزاج الجمهور العام. وورقة الاختبار السياسية تلاحظ بسهولة انه يوجد في البلاد تأييد عام واسع لتقييد حقوق الانسان. والخطاب العام مشحون بتعبيرات متطرفة تندد بالعرب واليساريين وغيرهم. والتشريع يترجم الأمزجة الثقافية الى معايير قانونية.
تفخر اسرائيل بأنها ديمقراطية لكن ليس لنا دستور ولا تراث ديمقراطي لأنه أكانت هناك ذات مرة ديمقراطية في الدولة؟ كانت ديمقراطية نسبية لجزء من اليهود. ومع ازدياد العنف في الشارع الاسرائيلي، جرب اليسار اليوم على جلده ما كان المواطنون العرب يجربونه منذ سنين. وأُضيف الى هذا العجز عن علاج الظواهر القبيحة لتمييز الاثيوبيين والشرقيين والتي أصبح المجتمع مستعدا للتسليم بها. ان حقوق الانسان غير قابلة للتقسيم، وعندما سلم الجمهور الاسرائيلي لدعوة رجال الدين الى الامتناع عن ايجار العرب شققا، مكّن من إقصاء النساء والهجوم على جماعة المثليين.
ان المميز المشترك للتشريع واعمال اخرى تتم برعاية السلطة، هو المس بمبدأ المعارضة وبحق القلة في التعبير. وهذا مبدأ أساسي في الديمقراطية. ان مبدأ حسم الأكثرية هو نموذج عقلاني وتسويغه بأنه يعبر عن أقل قدر من الاضرار بالحرية المعطاة لكل انسان بقدر متساو.
على حسب ذلك المنطق يحتاج في الديمقراطية الى حماية مطلقة للقلة. فوجود القلة الى جانب الاكثرية يجسد مثال المشاركة المتساوية. والقلة ايضا تسهم في النقاش وفي صوغ الكثرة. والحكومة التي ترى رأي القلة أمرا مضايقا ينبغي إسكاته، ونقد السلطة عملا يشبه الخيانة، تُقرب الدولة الشمولية.
حينما يُنبت طبق الفطريات الثقافي الاسرائيلي مقترحات القانون المذكورة آنفا ومقترحات مشابهة سيُقبل بعضها فهذا يعني ان في اسرائيل امكانا حقيقيا للفاشية بقيادة الكثرة. ويجب ان توجه معرفة هذا سلوك القلة.
(هآرتس)
أعلن المستشار القانوني للحكومة برسالة دراماتية ان اقتراحات "قانون الجمعيات" التي تريد ان تقيد التبرعات من دول اجنبية لمنظمات في البلاد، تمس بحقوق دستورية، وانه لن يدافع عنها في المحكمة العليا ("فنشتاين لنتنياهو: اقتراح قانون الجمعيات غير دستوري"، تومر زرحين، "هآرتس"، 7/12).
منذ زمن غير بعيد سنت الكنيست "قانون القطيعة"، الذي يضر ضررا بالغا بمباديء أساسية كحرية التعبير وحرية التنظيم والحق في المساواة. فلا جرم أثار القانون ردودا صعبة. ومن المفارقة الشديدة ان القانون لا يفرض عقابا على مجرد المشاركة في قطيعة مع الدولة (أو جهات موجودة داخلها)، بل على الدعوة الى القطيعة. وان فرض عقاب على دعوة الى عمل يجسد حرية التعبير السياسي، هو امر مزعزع من جهة ديمقراطية.
ان الافتراض الأساسي للقانون هو ان الدولة كيان ذو كرامة ولا يجوز المس بكرامتها لئلا تشعر بالاهانة. وهذه فكرة خطيرة تتصل بمفكري القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الذين رأوا الدولة مثالا عقلانيا وكيانا مستقلا مميزا عن الأفراد الذين يعيشون فيه. وكانت هذه الفصول من تاريخ الفكر السياسي ملزمة للدولة الشمولية.
لا يعمل الساسة في فراغ وهم عالمون بمزاج الجمهور العام. وورقة الاختبار السياسية تلاحظ بسهولة انه يوجد في البلاد تأييد عام واسع لتقييد حقوق الانسان. والخطاب العام مشحون بتعبيرات متطرفة تندد بالعرب واليساريين وغيرهم. والتشريع يترجم الأمزجة الثقافية الى معايير قانونية.
تفخر اسرائيل بأنها ديمقراطية لكن ليس لنا دستور ولا تراث ديمقراطي لأنه أكانت هناك ذات مرة ديمقراطية في الدولة؟ كانت ديمقراطية نسبية لجزء من اليهود. ومع ازدياد العنف في الشارع الاسرائيلي، جرب اليسار اليوم على جلده ما كان المواطنون العرب يجربونه منذ سنين. وأُضيف الى هذا العجز عن علاج الظواهر القبيحة لتمييز الاثيوبيين والشرقيين والتي أصبح المجتمع مستعدا للتسليم بها. ان حقوق الانسان غير قابلة للتقسيم، وعندما سلم الجمهور الاسرائيلي لدعوة رجال الدين الى الامتناع عن ايجار العرب شققا، مكّن من إقصاء النساء والهجوم على جماعة المثليين.
ان المميز المشترك للتشريع واعمال اخرى تتم برعاية السلطة، هو المس بمبدأ المعارضة وبحق القلة في التعبير. وهذا مبدأ أساسي في الديمقراطية. ان مبدأ حسم الأكثرية هو نموذج عقلاني وتسويغه بأنه يعبر عن أقل قدر من الاضرار بالحرية المعطاة لكل انسان بقدر متساو.
على حسب ذلك المنطق يحتاج في الديمقراطية الى حماية مطلقة للقلة. فوجود القلة الى جانب الاكثرية يجسد مثال المشاركة المتساوية. والقلة ايضا تسهم في النقاش وفي صوغ الكثرة. والحكومة التي ترى رأي القلة أمرا مضايقا ينبغي إسكاته، ونقد السلطة عملا يشبه الخيانة، تُقرب الدولة الشمولية.
حينما يُنبت طبق الفطريات الثقافي الاسرائيلي مقترحات القانون المذكورة آنفا ومقترحات مشابهة سيُقبل بعضها فهذا يعني ان في اسرائيل امكانا حقيقيا للفاشية بقيادة الكثرة. ويجب ان توجه معرفة هذا سلوك القلة.
(هآرتس)