عدم كفاءة التسعير بين البنك المركزي والسوق

المدينة نيوز - مرة أخرى نقرأ عن قـرار البنك المركزي بإلغاء عرض سندات لاكتتاب البنوك بأسـلوب المزاد. الاكتتاب الملغى كان هذه المرة لصالح مؤسسـة الإسكان والتطوير الحضري. قرار الإلغاء هذا جاء بحجة عـدم كفاءة التسعير، والمقصود أن أسعار الفائدة المطلوبة كانت أعلى مما يجب، حيث طلبت البنوك أسعار فائدة مرتفعة وصلت على 6% كما يقول الخبر.
المشكلة لا تتعلق بكفـاءة التسعير بل بارتفاع أسعار الفائـدة من وجهة نظر البنك المركزي كوكيل للمقترض، ولكن ما هو البديل؟ ومن يضمن أن إعادة الطرح سـتؤدي لإنقاص سعر الفائدة؟.
إذا كانت مؤسسة الإسكان والتطوير الحضري تعتبر القرض من الكماليات، وتستطيع الاستغناء عنه، أو لديها مصادر أخرى للاقتراض منها بأسعار فائدة أقل، فإن الإلغاء يصبح الرد الطبيعـي لمقترض قوي لا يقبل بسعر فائدة يعتبره مرتفعاً. ولكن ماذا إذا كانت المؤسسة مضطرة للاقتراض لتسـديد التزاماتها المستحقة للمقاولين والموردين؟.
هل صحيح أن سـعر الفائدة البالغ 6% سنوياً يعتبر سعراً مرتفعاً لدرجة تبرر رفض المعاملة؟.
تـدفع البنوك على ودائع الأجل فائـدة بسعر يتراوح حـول 4%، فإذا أخذنا بالاعتبار أنها ستعطل حوالي 20% من الوديعة لدفع الاحتياطي النقدي الإلزامي والاحتفاظ بسـيولة جاهزة لمواجهة السحوبات، فإن الكلفة الحقيقية ترتفع إلى 3ر5% قبل إضافة المصاريف الإدارية.
من ناحية أخرى فإن أدنى سعر إقراض لأفضل العملاء هو الآن 2ر8%، فلماذا يتوقع أحـد أن تتسـابق البنوك لإقراض مؤسسة حكومية بسـعر يقل عن 6%.
من الحكمة أن يتوقع البنك المركزي ارتفاع أسعار الفائدة وليس انخفاضها، خاصة إذا كان معـدل التضخـم المتوقع يتراوح حـول 5ر5% كما ورد في خطاب الموازنة، مما يجعل المودعين يحصلون على فوائد سالبـة، وهو أمر غير طبيعي وغير قابل للاستمرار.
يبقى أن سعر الفائدة على الدينار معـوّم، ويتقرر على ضوء العرض والطلب في سـوق حرة، وليس من حق أحد أن يرفض كفاءة السعر الذي يتقرر تلقائياً في السوق في ظل المنافسة الحرة وغياب التواطـؤ.
المشكلة لا تكمن في كفاءة التسعير، فهو يعكس حقيقـة توسع الحكومة ومؤسساتها والتمادي الحكومي في الاقتراض. والحل لا يتحقـق بإلغاء العرض بل بإصلاح المالية العامة، وإلا فإن السوق سيقوم بذلك.(الراي)