انقلاب المالكي.. أين سيصل؟

- حتى لا يقال انه انقلاب شيعي على السنة في العراق ويتوقف القصف على الطائفية التي ظلت تحركها قوى كارهة للعراق وأهله، فإن كثيراً من الشيعة ذوي التوجهات الوطنية والقومية شجبوا فعلة المالكي وفضحوها واعتبروها انقلاباً مبكراً على الحالة العراقية الهشة ومحاولة اضافية لتجيير العراق لصالح الهيمنة الايرانية..انه انقلاب ايراني بامتياز..
كيف نفهم هذا الموقف للمالكي الذي يعمل على المشي على حبل تشده ايران من جهة وتشده الولايات المتحدة الاميركية من جهة أخرى ويبرز السؤال لصالح من جرى تدبير الانقلاب على الهاشمي وتياره وما يمثل وهل هذا الانقلاب ولائحة التهم جديدة طارئة أم أنها قديمة ومبيتة في الادراج وهي احدى السيناريوهات للانقلاب على السنة الذين تعاملوا مع الواقع العراقي وكان منهم الصحوات والمجموعات التي تصدت للقاعدة والارهاب الذي ضرب العراق وما زال يضربه ولم تفضح بعد الجهات التي تقف معه أو التي وظفته لصالحها..
المالكي كان في الولايات المتحدة أخيراً والذين يعرفون الحالة العراقية وتحالفاتها وتراكيبها يعرفون انه لم يدع الى حفل موسيقي أو توزيع جوائز سينما وانما لتقييم الحالة العراقية وعرض الواقع وطبيعة المرحلة القادمة اذ يتوهم من يعتقدون أن الاميركيين قد انسحبوا تماماً من العراق وحتى لو كان هذا الانسحاب ممثلاً في سحب الجيوش والعسكر واغلاق المعسكرات فإن النفوذ الأميريكي تحول الى أشكال ووسائل أخرى والأميركيون خرجوا من الباب ليدخلوا من نافذة أخرى سنراهم من خلالها مع تطور الأوضاع فهم مزروعون في المنطقة طولاً وعرضاً ويتحكمون في أوضاعها واستقرارها قبل الربيع العربي وحتى من بعد قدومه..ويعملون لاغراقها في الفوضى الخلاقة..
حين كان النفوذ الاميركي في العراق طافحاً وقد جاء بالمالكي وغيره ممن احتموا بالاحتلال وصعدوا عبر درجاته كان المالكي يقول ان سوريا هي مصدر الارهاب على العراق وان البعث وتيارات أخرى في النظام ترسل القتلة وطالب يومها في شكاوى عديدة بالانتقام من النظام السوري بل طالب ببناء جدار أو حاجز رملي عريض وواسع بين سوريا والعراق بل كان هناك مخطط لجدار من الاسلاك المكهربة وحتى نشر الألغام..
ما الذي جرى الان بعد أن أصبحت اليد التي تمسك يد المالكي هي يد ايرانية فيعود يقول بضرورة الانتصار لسوريا واعتبار الأسد ضرورة يجب ان تبقى وقد عملت العراق عبر الجامعة العربية وخارجها لدعم الموقف السوري والدفاع عنه..فلماذا هذه المفارقات سوى أن مرجعية المالكي قد تغيرت..لكن هل نصدق ان المالكي نقل البندقية من الكتف الايسر الى الأيمن وانه خدع الاميركيين واستدار (180) درجة أم ان هذه تكتيكات يتفق عليها ويراد بها تغطية مواقف واتفاقيات ومعاهدات وتنازلات بترويع القوى السياسية والاجتماعية العراقية وجعلها أكثر قبولاً للشروط الاميركية وتخفيض سقوف توقعاتها بعد خروج الاحتلال او انسحاب قواته..هذا سؤال قد يكون مصيباً؟..
الوضع الآن في العراق خطير وهناك اعادة انتاج للحالة العراقية وموضعه للقوى السياسية فالتحالف الشيعي الكردي تراجع ويبدو انه سيكون مرتبكاً الآن وهذا ما دفع الهاشمي الى اللجوء الى المناطق الكردية وقبول التحكيم الكردي والاستجارة برئيس الجمهورية الذي كشف لعبة المالكي ويدرك ابعادها..
واذا ما نجح المالكي في انقلابه لتصفية التيار الاخر الشريك في الحكم فما هي النتائج؟..هل ستعود الفوضى للعراق ليعود الاحتلال وضروراته مرة أخرى كحل؟ هل لهذا الانقلاب ثمن على شكل صفقه مع الاميركيين حول النفط والقواعد؟..وهل لنتائج ذلك من تأثير على مجلس التعاون الخليجي؟ وعلى التوجه الاميركي ضد ايران؟؟ ماذا يحمل المستقبل للعراق الذي سيراهن المالكي مرة أخرى على استقراره؟ (الدستور)