هل لدينا ركود حقيقي؟

- يوصف الوضع الاقتصادي في الأردن بأنه حالة ركود ، مع أن تعريف الركود أن يكون النمو في الناتج المحلي الإجمالي صفراً أو سالباً لمدة ربعين متواليين.
بعض المؤشرات النقدية والمالية والاقتصادية لا تؤيد حقيقة الركود ، وفي المقام الأول النمو الاقتصادي الإيجابي الذي يتراوح حول 5ر2% خلال سنة 2011.
إذا كان هناك ركـود وانكماش اقتصادي فكيف يرتفع عرض النقـد بنسبة 10% ، وكيف تنمو ودائع البنوك وتسهيلاتها بنفس النسبة ، فهذا النمو النقدي لا يتحقق في حالة الركود الاقتصادي.
من ناحية أخرى فإن من حق المحلل أن يتساءل عن أسباب حدوث تضخم مرتفع نسبياً بمعدل 5% إذا كانت الحالة السائدة هي الركود وانخفاض الطلب على الاستهلاك والاستثمار.
الأغرب من ذلك ما حدث في قطاع التجارة الخارجية فقد ارتفعت الصادرات بنسبة تزيد عن 15% ، والمستوردات بنسبة 18% ، فلماذا ترتفع المستوردات لو لم يكن هناك طلب استهلاكي واستثماري لا ينسجم مع حالة الركود المفترضة.
لو أخذنا بهذه المؤشرات على علاتها ، لحكمنا بأن الاقتصاد الأردني يجب أن يكون في حالة انتعاش ، ولكن هناك ملاحظات:
أولها أن حساب النمو الاقتصادي يعتمد في جانب منه على التقدير ، وبالتالي فإن نمواً إحصائياً بنسبة 2% لا يمنع أن يكون النمو الحقيقي أكثر أو أقل ، فالدائرة تراجع الأرقام بشكل دوري يغير النتائج السنوية بالزيادة أو النقصان بأكثر من هذه النسبة.
وثانيها أن ترافق الركود مع التضخم ظاهرة معروفة وإن كانت نادرة ، وقد سميت بالتضخم الاختناقي.
وثالثها أن ارتفاع حجم الصادرات والمستوردات يعود أساساً لارتفاع الأسعار وليس زيادة الكميات ، وخاصة فيما يتعلق بالبترول والأعلاف والمواد الغذائية والفوسفات والبوتاس.
ورابعها أن بعض المؤشرات لا تؤيـد حالة النمو الإيجابي التي تقول بها الدائرة ، وخاصة تراجع المقبوضات السياحية وحوالات المغتربين وتدفقات الاستثمارات الخارجية ، وجمود إنتاج الصناعة التحويلية.
المحصلة التي نخرج بها من هذه المؤشرات المتعارضة ، حتى لا نقول متناقضة ، أن الوضع الاقتصادي يمر بمرحلة البحث عن اتجاه ، فإما الانتعاش والنمو إذا نجحت عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي ، وإما الركود والتراجع إذا استمر الاحتقان الأمني ورفع الشعارات التي لا تطمئن القطاع الخاص وتكلف غالياً.(الراي)