ينبغي اخراج المسألة السكانية من الخزانة

أجازت المحكمة العليا بقرار يعتبر سابقة وواحدا من أشد القرارات المختلف فيها في تاريخ القضاء الدستوري في اسرائيل، أجازت مشروعية قانون الجنسية ودخول اسرائيل الذي يمنع لم الشمل في اسرائيل بين مواطني اسرائيل ورعايا السلطة الفلسطينية (مثل مواطني ايران وسوريا ولبنان والعراق ايضا).
ان قانون الجنسية هو حالة متميزة فيها للقانون غاية متغيرة: غاية مهيمنة زمن سنه، وغاية مهيمنة اخرى زمن الفحص عن مشروعيته. حينما سُن قانون الجنسية أول مرة في 2003 كانت غايته الرئيسة حماية الأمن. فقد سُن القانون بعد الانتفاضة الثانية بمبادرة "الشباك" بعد ان تبين انه في عدد من الحالات اختُلف في مقدارها استُغلت رخص دخول اسرائيل من اجل التمهيد لعمليات ارهاب.
بيد انه كلما مر الوقت "أُلصقت" بالقانون غاية جديدة هي غاية ديمغرافية. وفي نهاية الامر، في قرار الحكم، قبل جميع القضاة دعوى الدولة التي تقول ان غاية القانون أمنية. ومع ذلك بدا واضحا جدا ان قضاة رأي الاغلبية أو عددا منهم على الأقل "تحدثوا عن الامن" و"فكروا في المسألة السكانية". بل ان فريقا منهم يعترفون بهذا. فالقاضية مريام نئور تذكر ان غاية القانون أمنية لكن له تأثيرات سكانية – فهاتان "مسألتان لا يمكن الفصل بينهما". ويُبين القاضي اليعيزر ريفلين ان "دول اوروبا تشدد شروط الهجرة الى اراضيها لاسباب سكانية". ويبين القاضي ادموند ليفي الذي كان في معسكر القلة التي أرادت ان تفشل القانون ان دولة يهودية تقتضي "أكثرية يهودية بين سكان الدولة"، ويستشيط غضبا على الدعوى التي أُسمعت بحسب رأيه بين السطور وفحواها ان "قضاة القلة وافقوا على ما يسمى حق عودة لاجئي 1948". فهو يقول ان الدولة لو لم تصر على الدعوى الامنية بل عرضت دعاوى بشأن "تركيبة السكان في اسرائيل أو الصورة المناسبة لترتيبات الهجرة" لأمكن آنذاك "ان يكون الاستنتاج مختلفا".
ان الصلة التي لا تنفصم بين الدعوى الامنية والسكانية ظهرت في المرة السابقة ايضا التي تم فيها بحث قانون الجنسية في العليا في 2006. آنذاك شك القاضيان أييلا بوكاتشي وسليم جبران بصدق الدعوى الامنية واعتقدا ان غاية القانون الحقيقية يمكن ان تكون استعمال قوانين الهجرة لمنع زيادة عدد السكان العرب في اسرائيل.
انقضت قضية قانون الجنسية. ستبحث الحكومة في الفترة القريبة اقتراح قانون لصوغ ترتيب هجرة شاملا. وفي هذا الاطار ينبغي التفكير كما يقترح القاضي ريفلين في مسألة "هل ينوي الترتيب المتوقع ان يتناول ايضا المسألة السكانية، أي مسألة ما معنى دولة يهودية وهل معناها هذا يشتمل على الحاجة الى تشجيع وجود أكثرية يهودية في البلاد".
عُرضت مباديء مفصلة لسياسة هجرة في ورقة بحث كتبها شلومو افنيري وليئاف اورغاد وامنون روبنشتاين اقتبسوا منها في قرار الحكم. وقد اقترح الثلاثة إرساء سياسة الهجرة في اسرائيل فيما تُرسى عليه على كونها "ديمقراطية لغاية". أي دولة يحقق فيها الشعب اليهودي حقه في تقرير مصيره. ويذكر القاضي ليفي في تطرقه لذلك انه في ضوء التسويغ الاخلاقي لهذه الدعوى خاصة "ليس واضحا في نظري هل الحجة الامنية التي اختارتها الدولة تعزز موقفها أو تضعفه". في ضوء هذا الكلام يثار سؤال: ألم ينضج الآن اخراج الديمغرافية من الخزانة.(هارتس)