غاز الشرف والتمويل الاجنبي

- ذات مرة في بيروت, حيث سكنت مع اصدقاء مع المقاومة عند جسر الكولا, داهمت الشرطة شقة للدعارة فخرجت (غندورة) حيث كان اهل الحارة يسمونها وصاحت في وجه الشرطة (انا اشرف منكن وبوزع عليكن شرف) وعادت الدورية من حيث اتت وظلت غندورة تقدم خدماتها الشريفة جدا للشرفاء جدا من زبائنها الكرام..
تذكرت هذه الحادثة بعد ان داهمت قوات من الجيش المصري, اوكارا لجماعات من التمويل الاجنبي, منها حسب تقرير الزميل فتحي خطاب جماعات تعمل لحساب كونراد اديناور الالمانية وبيت الحرية وصندوق نيد وفريدوم هاوس وراند ومعهد واشنطن والمجتمع المفتوح, ومؤسسات امريكية اخرى..
وحسب صحيفة مصرية اسبوعية (الراصد) فمن المكاتب المداهمة مكاتب لسعد الدين ابراهيم وبشارة وحزب النور السلفي ومجموعة سورية مرتبطة (بالمجلس الوطني السوري).. وهي جميعا ليست مؤسسات لها هيئة عامة ودفاتر محاسبة حسب الاصول, بل مجاميع صغيرة او عائلية وتسوق نفسها كمنظمات غير حكومية وغير ربحية فيما ذكر تقرير الزميل خطاب ان مجموع ما تلقته في السنة الاخيرة فقط حوالي 600 مليون دولار.
وتعمل هذه الجماعات كما هو معروف كمراكز دراسات خاصة بالاوضاع السياسية والنقابية و (الاقليات) وحقوق الانسان وحرية الصحافة..الخ اضافة للوظيفة الجديدة (مواقع وصحف الكترونية) واذاعات وفضائيات وصحف محلية..
والمهم في حادثة مداهمة الجيش المصري لهذه الشبكات, هو الحملة المضادة لها على الجيش والتي تجاوزت مصر الى شبكات عربية وغير عربية مماثلة باعتبار ذلك انقلابا على الديمقراطية وحقوق الانسان.. وقد كرست فضائيات معروفة نفسها للتضامن مع هذه الشبكات, وهو ما ذكرني, اولا بالست غندورة عند جسر الكولا, وثانيا بنص مسرحي للكاتب التركي الساخر عزيز نيسين, هو (غاز الشرف) واتمنى لو ان احدا يقوم باخراجه.
تدور فكرة النص المذكورة حول مدينة قديمة عرفت حضارة تشبه الحضارة الليبرالية الرأسمالية الحالية, وكان سكانها الذين يعيشون تحت الارض يتنافسون على امتلاك شيء من غاز الشرف ولم يكن الفقراء والشرفاء بوسعهم ذلك لانه كان باهظ الثمن, فكانت قارورات الشرف موجودة عند النهابين ولصوص المال العام والفاسدين, الى ان تمكن احد الفقراء (طابا لا هورا) من شراء كل قارورات الشرف في المدينة والتخلص منها, وذلك بعد ان فتح بيتا للدعارة وصار اغنى شخص في المدينة..
ولان الناس في المدن الرأسمالية والليبرالية لا يستطيعون العيش بلا شرف على طريقة هذه المدن, توصل العلماء الى اختراع بديل, هو غاز شرف صناعي يشم من مؤخرة القارورة (في تلك المدينة القديمة كانت للقوارير مؤخرات).. وصار للغاز الجديد هيئات ومواثيق دولية منها الاعلام العالمي للشرف الصناعي.(العرب اليوم )