ليبرالي فصيح

- ما يجذب الانتباه في الحوار الدائر الآن في أرض الكنانة, بعد أن انتهى الماراثون الانتخابي المصري, وظهرت النتائج النهائية واتضحت الخارطة السياسية للمرحلة المقبلة, وراحت الطيور بأرزاقها; إعلان البرادعي انسحابه من سباق التنافس على رئاسة الجمهورية, وما يقوله أحد مؤيدي البرادعي في تبريره لهذه الخطوة بمنطق يستحق التوقف والحوار.
يقول هذا الليبرالي الفصيح: إنّ إعلان البرادعي انسحابه من سباق الرئاسة, يُعدّ حكماً قاطعاً على فشل الخطوات السياسية, وأنّ الانتخابات المصرية مزورة, والتزوير هنا ليس العبث في صناديق الاقتراع; بل إنّ التزوير بظهور الخطاب الديني بوضوح من دون عوائق.
بمعنى آخر أنّ الانتخابات النزيهة برأي هذا الفيلسوف غير مقبولة, وأنّ على أصحاب القرار أن يعيقوا وصول أصحاب هذا الخطاب إلى البرلمان, وأن لا يسمح لهم بالفوز, تماماً كما كان يفعل حسني مبارك, وزين العابدين بن علي, بمنع هذه الفئة من ممارسة السياسة, وإذا لم يتم منعهم, ومن ثم سجنهم وسحلهم في الشوارع, فإنّ الانتخابات التي تجرى بمشاركتهم ما هي إلاّ انتخابات "مزورة",وإن لم تزور حقيقة!, فضلاً عمّا ينطوي عليه هذا الطرح من استخفافٍ واتهامٍ صريح للشعب المصري الذي أعطى الإسلاميين 70% من الأصوات بأنّه شعبٌ غبيٌ وسطحيٌ وساذج; لأنّه واقعٌ تحت سحر الخطاب الديني!!.
وليبرالي علماني أشدّ فصاحة من السابق, يقول ما نصّه: نحن أصلاً سعداء في استلام الإسلاميين المسؤولية في هذه المرحلة الصعبة والغامضة, والتي تسودها الضبابية الدستورية والتشريعية, فلا أحد يدري ما هي صلاحيات الرئيس, ولا أحد يدري متى يتمّ وضع الدستور المصري, إضافة إلى الصعوبات الأخرى التي ترافق هذه المرحلة الانتقالية, من مشاكل اقتصادية, وعسكرية, وأمنية ومجتمعية, ولذلك فإنّ انسحاب البرادعي خطوة ذكيّةٌ جداً.
في الحقيقة إنّ الحوار مع هذه الجهات في غاية الصعوبة, فعلى أي أرضية يجرى الحوار, وما هي المرجعية القيمية التي يتمّ التحاكم إليها, وإذا كانت المرحلة صعبة وبائسة وشائكة وغامضة, فهل من الذكاء الانسحاب من الميدان ورفع شعار (عليّ وعلى ألدّ أعدائي), أم أنّ الذكاء مواصلة الانتقاد, والتفنن في مواصلة الردح الفصيح الذي يخلو من طرح البديل, ويخلو من تحمّل المسؤولية.(العرب اليوم )