بعيداً عن السياسة ... قريباً منها

تم نشره السبت 21st كانون الثّاني / يناير 2012 12:03 صباحاً
بعيداً عن السياسة ... قريباً منها
عريب الرنتاوي

- لم تعد أنباء القرصنة الإلكترونية تندرج في خانة “المنوعات” المثيرة للابتسام والإعجاب بذكاء فتية آمنوا بقدرة هذه العوالم الافتراضية على صنع المعجزات...ولن تظل هذه الأنباء بعد اليوم، لتُتلى في مختتم نشرات الأخبار، إن تبقى لها قليل من الوقت...نحن نتحدث اليوم عن قضية أمن وطني...عن “تهديد استراتيجي”...عن “حرب الكترونية” قد تشعل حروباً وتدمر اقتصادات وتطلق صواريخ وتسقط طائرات أو تختطفها.

نحن نتحدث عن حرب بدأت تستنزف عشرات مليارات الدولارات لغايات الدفاع والهجوم والوقاية والاستباق...عن تهديد يسبق بالنسبة لواشنطن خطر “الإرهاب” و”التنين الصيني” و”الدب الروسي”...وبمناسبة الحديث عن الصين، فقد تخلت الأخيرة عن لونها “الأحمر” المفضل، وأنشأت جيشاً “أزرق” وظيفته إدارة العمليات الالكترونية، ويقال أن وحدات المقدمة الاقتحامية في هذا الجيش وصلت إلى “وزارة الدفاع الأمريكية وصندوق النقد الدولي والحكومة الفرنسية ووكالة الاستخبارات الأميركية وشركة “بوينغ” الكبرى لصناعة الأسلحة والطائرات وشركة ميتسوبيتشي اليابانية، المسؤولة عن بناء المقاتلة الأميركية “إف 15” وفقا لما أوردته صحيفة “السفير” اللبنانية عن مصادر وتقارير أمريكية.

تقرير “السفير” نقل عن وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا تحذيره في جلسة استماع خاصة عقدتها لجنة القوات المسلّحة في الكونغرس خلال حزيران الماضي، من خطر عمليات قرصنة إلكترونية يعادل من حيث حجمه وأهميته، الهجوم الياباني على ميناء “بيرل هاربور”، وهو الهجوم الذي استولد واستتبع ضرب هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية كما هو معروف، منهياً الحرب العالمية الثانية.

وينسب التقرير ذاته إلى مدير معهد كندا لدراسات الأمن العالمي قوله: إن هناك ما يشبه الحمّى الجنونية في الوقت الراهن لتوفير الخدمات والمنتجات الإلكترونية والأمنية لتلبية مطالب الحكومات والجيوش وآليات تطبيق القانون. الولايات المتحدة وحدها، ستنفق أكثر من 10.5 مليار دولار على الأمن الإلكتروني بحلول العام 2015. ومن المفترض، أن يتكون فريقها للحرب الإلكترونية من حوالى 10 آلاف موظف...ووفقاً لشركة نورثروب كينت شنايدر ، فإن قيمة سوق الأسلحة الإلكترونية والأمنية ستصل في ذلك التاريخ إلى ما يقرب المئة مليار دولار.

إسرائيل سجلت تقدماً ملموساً في مضمار الحرب الالكترونية...شركاتها في العالم تحتل مواقع متقدمة في قائمة “مزودي الخدمات” في هذا المجال، وتتسابق كبريات الشركات الصناعية والمؤسسات المالية العالمية للاستحواذ على خدماتها المتطورة...ولقد نجحت في السطو على شبكات الاتصالات الأرضية والخلوية في لبنان...وأمكن لها أن تشل حركة بعض المفاعلات النووية الإيرانية بفيروسات أعدت خصيصاً لهذا الغرض، ونجحت في تحقيق ما عجزت القوة التقليدية عن تحقيقة، تكتيكياً على الأقل، ولسنا نعرف بعد، أين وصلت ذراع إسرائيل الالكترونية، وربما يأتي وقت يقول فيها مسؤولوها المتبجحون، بإن حدود كيانهم سترسمها “فايروساتهم” التي ستحل محل دباباتهم وجنودهم في أداء هذه الوظيفة.

لكن إسرائيل في ميدان الحرب الالكترونية، كما في ميدان الحرب التقليدية، لم تعد تمتلك “الجيش الذي لا يقهر”...القراصنة السعوديون الشبان، نجحوا بالأمس فقط، في اختراق عقولها المصرفية، وحزب الله من قبل نجح في اعتراض طائراتها من دون طيار، واستحصل على كثير مما صورته وأرسلته من معلومات، عرضها الحزب للملأ، في معرض دفاعه عن نفسه درءاً للإتهام باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

البعض يرى أن مثل هذه الأحاديث تنطوي على مبالغة مدفوعة بحسابات المنافسة التجارية وكسب الأرباح أو “قص الكوبونات”...وهذا رأي ينطوي على قدر من الوجاهة “المؤقتة” و”التكتيكية”، إذا كلما اعتمدت حياتنا الخاصة والعامة، على “الشبكة العنكبوتية” و”العوالم الافتراضية” كلما بات خطر التحكم بها، بل وتدميرها، بالوسائل ذاتها، أمراً محتملاً، بل وكلما تفاقم خطر انزلاق البشرية إلى الحرب الالكترونية أو بوساطتها.

لا ندري ما الذي تفكر فيه حكوماتنا وجيوشنا وصناعيونا ورجال أعمالنا في هذا المضمار...لكننا نود أن نختم هنا بالقول: أن الحرب الالكترونية، على تعقيدها وازدياد كلفتها وفواتيرها، تظل مع ذلك “حرب الفقراء” ففي هذا المضمار، يكفي الاهتمام ببناء نواة صلبة مدربة ومؤهلة ومجهزة من الخبراء الشباب، حتى تستطيع أن تشكل “جيشاً أزرق” أو “أخضر” لا فرق...جيش لا يوفر خطوطا دفاعية صلبة عن حياضنا ومضاربنا فحسب، بل ويمكن لأذرعه الطويلة والقوية أن تصل إلى حيث لم تستطع أن تصل جيوشنا كذلك، ولدينا صفوة من العقول المُجربة والمُختبرة، التي تدعونا للاعتقاد، بأننا قد نجاري الأمم في هذا المضمار، إن توفرت لنا، الإرادة السياسية...فهل يحمل ربيع العرب الذي وضعنا على سكة استعادة إرادتنا السياسية الحرة والمستقلة، هل يحمل في جنباته، إرهاصات “ربيع الكتروني” للأمة كذلك؟!...سؤال برسم قادمات الأيام.(الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات