كيف صرفت أموال التخاصية؟

- سؤال يطرحه أصحاب أصوات عالية بالرغم من الإجابة الواضحة عليه مرة بعد أخرى. وقد عاد السؤال مجـدداً لأن الذين يطرحونه لا يكلفون خاطرهم الإطلاع على المعلومات المتوفرة والتي تنشر شهرياً في تقرير وزارة المالية.
مجموع المبالغ التي تم تحصيلها من عمليات التخاصية بلغ 4ر1726 مليون دينار وقد تم استخدام الجزء الأكبر منها أو 5ر90% لتسديد ديون أجنبية بعد الحصول على خصم بنسبة 11% مقابل التسديد المسبق، كما تم تسديد التزامات مستحقة للدائنين وضريبة المبيعات على المشاريع المخصصة تبلغ 7ر102 مليون دينار دفعت من أصل حصيلة تخاصية تلك المشاريع، وتشكل هذه المدفوعات 9ر5% من الحصيلة الإجمالية، وبذلك يكون 4ر96% من حصيلة التخاصية قد استعمل لسداد ديون، والباقي أي 6ر3% فقط لتمويل مشاريع إنمائية وإسكانية متنوعة بعضها مسترد.
هنا يقال إن تسديد الديون الخارجية لم يؤد ِ عملياً إلى تخفيض المديونية بل إنها ارتفعت بعد ذلك، وهذا صحيح، فالسداد خفـّض المديونية في سنة السداد، ولا علاقة له باستمرار الاقتراض الحكومي الذي كان لازماً لسد العجز في الموازنة العامة الصادرة بقانون أقرته المجالس النيابية.
هل من الحكمـة القيام بتسديد مسبق للمديونيـة؟ هناك اجتهادات مختلفة في هذا المجال، فالتسديد يخفـّض التزامات المملكة، ويقلل الفوائد التي تستحق في السنوات التالية، ويحمي الحصيلة من استخدامات أخـرى ليس لها أولويـة. يضاف إلى ذلك أن قيام هذه المشروعات كان قد ُموّل بالدين العام، وحصيلة بيع جانب من أسهمها يجب أن ُيستخدم في سـداد تلك الديون وعدم اعتباره إيراداً للموازنة العامة.
السؤال الأفضل هو: لماذا تسـدد الحكومة قروضاً غير مستحقة إذا كانت سوف تقترض ديوناً جديـدة أكبر مما سددتها. والأرجـح أنها فعلت ذلك لأسباب سياسية فلم تكن الحكومة ترغب في أن يقال إنها استخدمت حصيلة التخاصية لسد العجـز في الموازنة، فلماذا لا تستخدمها لغرض يمكن الدفاع عنه وهو سـداد الديون، على أن يتم سد العجـز في الموازنة كالمعتاد بقروض جديـدة. وهذا ما حصل، فالعيـب لا يكمن في سداد الديون وما يعنيـه من توفير في الأقساط والفوائد لسنوات قادمة، بل في عجز الموازنة الذي يعني الاقتراض وارتفاع المديونية. (الراي)