«لأ».. يا شيخ !

- لم يعد غسيل الحركات الاسلامية مخبأ، فقد بدأ يظهر مع قيام الربيع العربي وبدأت الحركات الاسلامية على اختلافها وفي مقدمتها الاخوان المسلمون ينشرون غسيلهم السياسي بالطريقة التي لا تمنع الاخرين من رؤيته على طريقتهم، خاصة وان الاخوان المسلمين نافسوا قوى عديدة علمانية وذات ثقافة غربية أو وطنية أو قومية أو يسارية في المزاحمة للاتصال بالاميركيين وما بعد الاميركيين في محاولات للتسويغ والتطبيع والتسويق لمواقفهم في قوالب جديدة وطروحات جديدة تحاول نفي ما علق بهذه المواقف من تشدد اذ لم تعد الشعارات تنعقد حول «الاسلام هو الحل» أو حول «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في النشاط والايقاع اليومي وانما حول العمل السياسي وطلب المشاركة بالشروط الاخوانية والحديث عن الديموقراطية كما لو كان الاخوان هم صانعوها والمنظّرون لها وعن الاصلاح كما لو لم يكن غيرهم يراه أو يرى ضرورته..
في هذا المجال ومن خلال هذا السياق يأتي نقد الشيخ الدكتور همام سعيد المراقب العام لحركة الاخوان المسلمين في الأردن للزيارة الملكية الى واشنطن وتحميلها ما لا تحتمل والتعتيم على جوانبها الايجابية وضروراتها في حين لا يقطع الشيخ فتوى عن تحريم الاتصالات بالأميركيين الكفار ولا حتى بالاسرائيليين على معبر رفح بحضور المبعوث الاميركي فيلتمان فما الذي دار مع مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان في زيارته السرية الى تركيا ولقائه بقيادات من الاخوان؟ وماذا قال له اخوان مصر في القاهرة؟ ولماذا الانتقال المفاجيء الى تركيا والزيارات المكوكية لاكثر من عاصمة عربية وغير عربية؟..
فيلتمان عاد وظهر مجدداً في القاهرة وبعد ساعات في انقرة في ظل تعتيم على الزيارة..حماس فيلتمان سببه ما جرى ترتيبه بين قيادات من الاخوان المسلمين في مصر ومبعوثين اسرائيليين عند معبر رفح وقد كان الاجتماع برعاية من فيلتمان شخصياً وثلاثة من مرافقيه جلسوا في مكان آخر ومعهم سيدة..
كان الهدف معرفة الموقف من اتفاقيات كامب ديفيد المصرية بعد فوز الاخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية المصرية وهذا اللقاء الذي وصف بالناجح كان وراء لقاء وزير الخارجية الاميركية وليم بيرنز يوم 11/1/2012 مع قيادة تنظيم الاخوان في القاهرة وكان القيادي الاسلامي مرسي قد تطابق موقفه مع المبعوث الاميركي في ضرورة طلب سحب المراقبين التابعين للجامعة العربية من سوريا وتمرير هذا الطلب عبر الامين العام للجامعة للعمل على نقل الملف للامم المتحدة وتدويل الحالة السورية ويبدو ان تسريب الخبر كان سبباً في سريانه في أروقة الجامعة مما دعا الى تأجيل الانسحاب والى انفراط التوافق العربي اذ بدأت كل دولة تقرر ما ترى فالمملكة العربية السعودية يختلف موقفها عن دولة أخرى مشاركة ولذا جرى التأجيل وليس الالغاء مع استمرار الضغط الاخواني في مصر والاميركي باتجاه سحب المراقبين وتحويل الملف لاحقاً..
لعبة «الغماية» مستمرة..وأسلوب «لفتّك ما لفتّك» يأخذ شكلاً مكشوفاً بإعادة الكرة السورية الى الملعب المصري بعد أن كانت قد خرجت منه الى ملاعب أخرى حين توجه المراقبون الى سوريا وهذا ما يفسر تراجع الدور التركي في الموضوع وانصرافه الى طرح الوساطة بين واشنطن وطهران ليحتفظ بالبريق او بشيء منه حين كان هذا الموقف حازماً ومهدداً للنظام السوري على أفعاله الدموية قبل شهر..
دخل الاميركيون والاخوان المسلمون المصريون على خط سوريا بطرح على تركيا مهام جديدة عبر عنها وزير الخارجية التركي داود أوغلو الذي حملت ملفاته السرية مقايضة التساهل في ملف ايران النووي والتفاهم على مضيق هرمز مقابل رفع اليد الايرانية عن سوريا وهذا ما جعل الموقفين الاميركي والاسرائيلي من طهران يختلف لتظهر اسرائيل وكأنها المقاول الوحيد لضرب ايران أو صاحبة الاعتراض العملي على برنامجها النووي في حين بدأت الولايات المتحدة تبحث في دفاتر اخرى..ملف فيلتمان الذي اطلع عليه الاخوان في القاهرة وبلغ مضمونه لتنظيمات اخوانية أخرى خطير لا يعالج التكيف مع الاخوان المسلمين واسنادهم بمقابل وانما في قضايا عديدة تضبط ايقاع المنطقة وتعيد توجيهها في مجرى السياسة الاميركية.(الراي)