لا تثقلوا على الملك..دعوه يعمل!
- يعود الملك من رحلته الى الولايات المتحدة وفي ارادته الكثير من التغيير والاجراءات وتوفير الوسائل الكفيلة بالانتقال الى مرحلة اخرى فالملك يريد رفع منسوب الاصلاح ليبلغ به ذروته، لا لأن المجتمع الدولي الذي يرتبط الاردن به ارتباطاً وثيقاً يريد ذلك وينظر الى الاردن كصاحب تجربة مميزة في هذا السبيل وانما لأن من مصلحة الاردنيين في غالبيتهم ان يقطعوا هذا المشوار وان يصلوا الى شاطئ النجاة محافظين على مكاسبهم وما أنجزوا ومجددين العزم على المضي وقد استفادوا من الربيع العربي ووظفوه بدل أن يدفعوا ثمن اعراضه ومضاعفاته حين لا يستطيعون التعامل معه..
البعض يثقل على الملك ويحاول اجهاض كل فكرة جديدة تتولد لدفع عملية الاصلاح وهناك من يطالب بالاصلاح ويقول كلام حق يراد به باطل ويعمل على وضع العصي في الدولاب ويواصل الشد العكسي دفاعاً عن منافع ومصالح ضيقة أو عن اعتقاد واهم بأن في الاصلاح ضررا..وهناك من يريد الاصلاح فعلا ويحرص ان تتوفر اسبابه وتنهض معطياته وتدرك نتائجه..
الاصلاح ليس مطلباً للاخوان المسلمين في الاردن حتى يبيعونه لنا وانما هو مطلب وطني عام لا بد ان تلتقي رؤانا حوله وان نجمع على قواسمه المشتركة وان نسمح له ان يمر الى حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية..فهو لم يعد ترفاً ولا أعطية وانما ضرورة وعلاج ومنقذ ووسيلة للنجاة والبناء..
نعم الملك يريد الاصلاح ويستعجله ويقوده وهو أشد حماسة له الان من اي وقت مضى فقد حسم الامر وعزم على أن يأتي الاصلاح واضحاً غير منقوص وقادرا على ان يحملنا جميعاً الى اهدافنا..
انتهت مرحلة شراء الوقت واستعمال الوسائل التكتيكية للهروب من استحقاقات عملية الاصلاح فقد اضاعت حكوماتنا السابقة وقتاً طويلاً أخرنا عن انجاز اصلاحات كثيرة اما انها كانت غير قادرة أو غير راغبة او تعتقد ان الملك لم يوفر لها ارادة ان تصلح فتذرعت واختبأت ودفع الجميع ثمن التعطيل..
الموقف الملكي واضح وهو يسبق مختلف القوى ويلبي حاجة المجتمع للتغيير فقد اعلن الملك عن انتخابات برلمانية قبل نهاية العام وهذا يرتب الاسراع في انجاز قانون انتخاب يليق بنقل البلاد نقلة نوعية يشكل الاردن فيها النموذج العربي والاقليمي وانجاز قانون احزاب يجعل منها رافعة حقيقية للمشاركة والديموقراطية وليس ديكوراً ومجرد أعداد..وقوانين اخرى تحملنا الى مجتمع العدالة وتكافؤ الفرص ومنع الفساد واصلاح التعليم واعادة بناء الانسان الاردني على قاعدة الحقوق والواجبات وبناء اقتصاد يقوم على الانتاجية والمعرفة ويفك ارتباطه بالريعية والتكسب والتعطيل..
لا تثقلوا على الملك ..دعوه يعمل ولا تضعوا العصي في الدولاب فنحن جميعا في مركب واحد وسط اقليم مضطرب ما زال يواجه تحديات عسيرة وما زالت هذه التحديات ماثلة وتتوالى ويخطئ من يقول انها انتهت..
نتائج الجولة وما اختمر في ذهن الملك وتبلور في ادراكه سنراه الان ماثلاً للتطبيق واعتقد ان هناك جملة من الخطوات الهامة والكبيرة والحاسمة ستتخذ على الصعيد الداخلي وحتى على صعيد التعامل مع الاقليم والمنطقة وفي مجال الصراع العربي-الاسرائيلي فرغبة الاردن في السلام لن تبقى تمر هكذا بلا ثمن ومقابل انتظار وانما ستحسم في جملة مواقف واضحة في اسناد الشعب الفلسطيني والوقوف الى جانبه وتمكينه من تحديد خياراته الحاسمة لصالح نضاله الوطني خاصة وان اسرائيل ما زالت تهرب وتماطل وتواصل عدوانها وتدير ظهرها لكل المبادرات ..
قد يكون الان اكثر من اي وقت مضى مطلوب توحيد مرجعيات القرار وانضباطه قبل اعلانه ودراسته قبل انفاذه حتى لا يبدو وكأن القرارات تتقاطع او تتصادم او يلغي بعضها بعضاً او حتى تضعف وهذا يتطلب توفير الادوات القادرة على حمل المسؤولية مع الملك ومن خلفه كما يتطلب ان تعلن الدولة عن قدرتها بشكل حاسم وممارس ومقنع في تطبيق القانون مهما كانت القضايا التي يطبق فيها صغيرة ام كبيرة لان تطبيق القانون مسألة لا يجوز فيها النسبية او الانتقائية ولا يجوز اغماض العين او المحاباة ولعل هذه الاعراض هي ما كانت وراء الانفلات الذي تبدى احياناً وكأنه ضعف..
اراهن على ان نتائج الزيارة الملكية كبداية مرحلة جديدة حاسمة طال انتظارها وان ارادة الاصلاح ستترجم نفسها في وتائر مرتفعة سنجد تجلياتها فوراً..ولن نخسر الرهان. (الراي)
