وزير المالية تحت الضغط

كان الله في عون وزير المالية: اللجنة المالية تطالبه بزيادة الإنفاق وإنقاص الإيرادات لتصبح الموازنة واقعية ، المعلمون مضربون يريدون علاواتهم 100% من الراتب الجديد ، والقطاع التجاري يطالب بعدم رفع أسعار الكهرباء ، وتجار العقارات يطالبون باستمرار الإعفاءات ، والديوان الملكي يطالبه بتنفيذ مشاريع المبادرات الملكية ، والصناعيون يحتجون على زيادة أسعار المحروقات ، والاعتصامات في كل مكان.
حتى لو لم يستجب الوزير لأي من هذه المطالب ، فإن لديه نفقات مقررة تزيد عن الإيرادات المتوقعة بمليار دينار ، ولديه مؤسسات وهيئات حكومية تزيد نفقاتها عن إيراداتها بمليار دينار آخر ، فكيف يستجيب للطلبات التي قد ترفع العجز إلى ثلاثة مليارات من الدنانير ، مما يطلق شرارة أزمة مالية أكبر وأخطر من أزمة 1989.
حتى بعض الاقتصاديين المفوهين يطالبون وزير المالية –ولو من باب المناكفة- بأن يحـّمل الموازنة مهمة إنعاش الاقتصادي الأردني وحفز النمو ولو على حساب المزيد من الاقتراض الداخلي والخارجي.
يقول أحدهم: مطلوب أن لا تقوم الحكومة برفع الرسوم والعبء الضريبي حرصاً على النمو الاقتصادي ، وأن تأخذ الموازنة بالاعتبار معالجة مشكلات البطالة والفقر ، أي أنه يريد زيادة الأعباء المالية.
كل هذا جميل ، ويتمنى أي وزير مالية أن ينفذه ، ويظفر بتصفيق الجميع ، وفي المقدمة طلاب الشعبية ، ولكن المشكلة أن المال غير موجود لتلبية هذه الطلبات ، وهو لا يستطيع أن يستدين أكثر من ألفي مليون دينار هذه السنة ، وإذا فعل فسوف يتحمل مسؤولية الكارثة التي تأتي بها مثل هذه التصرفات والمطالب غير المسؤولة.
حتى الآن كانت إمكانية الاقتراض ورادة ، ولكن الأرجح أنها ستلاقي بعد الان بعض الصعوبات التي تبدأ برفع سعر الفائدة ، وتنتهي بالتردد في تقديم التسهيلات للحكومة التي يعرف الجميع أنها لن تستطيع تسديدها إلا من قروض جديدة أكبر منها وقد لا تكون متوفرة.
يخشى البعض من لجوء الحكومة تحت الضغط إلى طبع النقود ولو على حساب المزيد من التضخم ، ولكن إذا كان البنك المركزي يقتني مئات الملايين من الدناينر بشكل سندات خزينة ، فهل لهذا اسم آخر غير طبع النقود؟.
التصحيح المالي ما زال ممكناً ، ولكن وزير المالية يقف وحيدأً فليس هناك لا نية ولا إرادة في تصويب الأوضاع المالية التي تتسارع نحو الأزمة.(الراي)