تبدلات في المزاج الشعبي حول سورية

- من حسن حظ سورية, الشعب والبلد, أن طبيعة الحلف المضاد هي ما رأيناه ونراه يومياً, ودعونا نختصر ذلك بمشهد جلسة مجلس الأمن مثلاً, ولنتأمل عناصر الطرفين المتخاصمين. هذا في الواقع كان له دور حاسم عند أوساط شعبية كانت تجد نفسها في حيرة سياسية وأخلاقية عند تحديد موقفها في الفترة الأولى من الأزمة.
غير أن تبدل المزاج, أو اعتداله إذا شئنا الدقة, حصل بالتدريج خلال الشهور الأخيرة, وكمقياس معقول لذلك يمكن الاشارة الى أن رواية قناة "الجزيرة" مثلاً, لم تعد مصدقة بالمطلق, ومؤخراً صار المتابعون للأخبار يقومون "بتقليب" المحطات باستمرار. وعلى هذا الصعيد بالمناسبة, استطاعت قناة سورية متواضعة "إخبارياً" مثل قناة "الدنيا" أن تحصل على نصيب ملحوظ من المتابعة, وليس الحديث هنا عن مقاييس "المهنية", فقناة الدنيا لا تخفي أنها الى جانب النظام, وهذا يعني أنها تفصح عن عدم التزامها بالمهنية كما يعرّفها الاعلاميون, ولكن بكل الأحوال فإن "قلة مهنيتها" فيما يتصل بالشأن السوري بالذات لم تكن أسوأ حالاً من "قلة مهنية" غيرها من المحطات "المحترفة".
غير أن الحديث عن المزاج يقودنا الى ملاحظة قد تكون لافتة لمن يريد أن يلتفت: فقد جرت العادة عند الثوار وانصارهم, أن يكونوا أكثر هدوءاً لأنهم بالضرورة مسنودون الى ثقة مطلقة بعدالة قضيتهم, والى قيم ومُثُل أخلاقية رفيعة مرتبطة بالمستقبل, وهي امور تجعل الثائر متزناً في أدائه, وناظراً الى الآخرين باعتبارهم مضللين لم يتمكنوا من سداد الرؤية ودقة الموقف وحصافة الرأي التي يتمتع بها هو, وذلك بعكس أعداء الثورات وأنصار الأنظمة الذين يبرر لهم التوتر لأنهم خائفين بحكم استنادهم الى الماضي المتخلف والمنهار.
إذا وافقتم على هذه القاعدة, فحبذا لو ان أعصاب "الثوار" السوريين (ثوار الخارج تحديداً) تكون اكثر اتزاناً مما نشاهده ونسمعه.(العرب اليوم )