رفع أسعار الفائدة على الدينار

- قرر البنك المركزي بشكل مفاجئ ودون مقدمات رفع سعر الفائدة على أدوات السياسة النقدية ومعاملاته مع البنوك المرخصة ، فما معنى هذه الخطوة؟.
يشير رفع سعر الفائدة بهذا الشكل والحجم إلى أمرين: أولهما أن البنك المركزي ينوي اتخاذ مواقف أكثر تشدداً في سياسته النقدية ، وثانيهما أن لدى البنك المركزي قلقا من ارتفاع الضغوط التضخمية (4ر4% في سنة 2011).
أما التشدد فهو مطلوب حرصاً على سلامة الجهاز المصرفي ، وخاصة في مجال أخذ استدراكات كافية لمواجهة أية خسائر محتملة في مجال الديون المتعثرة. وأما أخذ سياسات مضادة للتضخم فمسألة اجتهادية فيها قولان:
في الجانب الإيجابي يتذمر المودعون من أن الفوائد التي تدفعها البنوك على ودائعهم لأجل لا تغطي معدل التضخم ، أي أنهم في الواقع يتلقون فوائد سالبة ، الأمر الذي لا يشجع على الادخار ، على فرض أن الادخار يتأثر بسعر الفائدة.
كذلك فإن معدل التضخم الراهن البالغ 4ر4% يعتبر عالياً بالمقاييس النسبية ويستحق العناية كي لا يفلت العقال ونشهد تضخمأً أكبر في 2012 خاصة وأن دعم المحروقات والماء والكهرباء والمواد الغذائية والأعلاف أدى إلى تخفيض مصطنع في معدل التضخم الذي سيكون أعلى بكثير لولا الدعم.
في الجهة المقابلة فإن اللجوء إلى رفع سعر الفائدة كأداة لمكافحة التضخم تعني محاولة تبريد الاقتصاد. وهي حالة غير مطلوبة في الظروف الراهنة حيث الاقتصاد بارد ويحتاج لبعض التسخين والتحفيز بدلاً من التهدئة.
إلا أنه لا يجوز المبالغة في تأثير ونتائج القرار إيجابياً أو سلبياً ، لان البنوك قد لا تغير سلوكها ، فهي لا تقترض من البنك المركزي لتوفر السيولة الفائضة لديها ، وليست مضطرة لرفع سعر الفائدة على ودائع الجمهور لنفس السبب أي توفر السيولة ، كما أنها قد لا ترفع أسعار الفائدة على التسهيلات المصرفية لأن كلفة المال لديها لم ترتفع ، وبذلك ستظل أسعار الفائدة الدائنة والمدينة تتراوح في مكانها.
أغلب الظن أن خطوة البنك المركزي كانت للدفاع عن احتياطي العملات الأجنبية بزيادة جاذبية الدينار في مواجهة الدولار ، أي أن المقصود هو التأثير على سلوك المواطنين –المقيمين والمغتربين- الذين يقارنون بين الدينار والدولار كوعاء لادخاراتهم.(الراي)