زيادة الإنفاق لتحفيز النمو

- ما زال هناك من الاقتصاديين من يطالب الحكومة بزيادة النفقات العامة لحفز النمو الاقتصادي تطبيقاً لنظرية كينز، مع أن المذكور كان يدعو إلى موازنة متوازنة في مدى الدورة التجارية، أي خلال سبع سنوات، بحيث تحقق الموازنة فائضاً في سندات الازدهار وعجزاً في سنوات الركود الاقتصادي. ولم يخطر ببال كينز أو غيره من أساتذة المالية العامة أن يدعو إلى عجز متواصل في الموازنة عامأً بعد آخر لتحقيق نمو كاذب ومصطنع بثمن باهظ ومخاطر محسوبة وغير محسوبة.
حتى بدون تعديل مشروع الموازنة العامة لسنة 2012، فمن المقرر أن ينفق القطاع العام هذه السنة مبالغ تزيد عن الإيرادات بأكثر من مليارين من الدنانير، تشكل 10% من الناتج المحلي الإجمالي، فلو كان الإنفاق العام يحفز النمو لكان نمو اقتصادي هائل قد تحقق بدلأ من الركود الموجع.
استخدام موازنة ذات عجز فادح كأداة لحفز النمو مغامرة لا يقدم عليها مسؤول، علمأ بأن تضخيم النفقات العامة في موازنات القطاع العام لم يكن مقصودأً به حفز النمو، بحيث يمكن الرجوع عنه بعد استرداد النمو، بل كان نتيجة قرارات شعبية هدفها شراء الوقت وترضية ذوي الأصوات العالية.
النمو الحقيقي المستدام يجب أن يأتي من جانب فعاليات القطاع الخاص، أما الحكومة فواجبها أن تهيىء المناخ المناسب للتوسع والاستثمار، وليس الإساءة إلى ذلك المناخ بتضخيم العجز والمديونية مما يسيء إلى مناخ الاستثمار والثقة بالمستقبل.
سياسة اقترض وانفق جرى تطبيقها في بلدنا في عقد الثمانينات من القرن الماضي، وكانت الحصيلة أزمة مالية ونقدية خانقة وركوعا أمام الدائنين وممثلهم صندوق النقد الدولي، وحدوث نكسة كبيرة ، وتضخم جامح، ونمو اقتصادي سالب. واستمر دفع الثمن وتحمل تضحيات التصحيح خمسة عشر عاماً ، ما زالت مرارتها في أفواهنا.
سياسة الدعم الشامل التي تطبقها الحكومات الأردنية المتعاقبة تعني محاولة العيش على مستوى أعلى مما تسمح به موارد البلاد الحقيقية، وهي سياسة مارستها حكومات عديدة وكانت نتائجها كارثية. (الراي)