ايام في دبي

- عشت في دبي لسنوات،واذ ازورها لعدة ايام،قبل ان اعود،تجدها قادرة على تجديد ذاتها،برغم الازمة المالية العالمية،وتأثيراتها على دول كثيرة، خصوصا، ممن تعد ذات اقتصادات حيوية.

في مطار دبي،يقال لك دون ان يقال ان الامارة بدأت تستعيد عافيتها،لان الاف مؤلفة تقف من اجل الحصول على ختم المرور،وهذه الاعداد التي لا تراها حتى في مطار هيثرو في لندن،وفي بعض مطارات الغرب،تقول لك ان الامارة عادت للتحليق عاليا،لان هؤلاء اما سياح قدموا لانفاق اموالهم،واما عمالة جاءت للحصول على فرصة عمل،في بلد عاد سريعا لاستقطاب الكفاءات.

دبي بدأت دورة حيوية جديدة،وهذا واضح على حركة كل القطاعات في البلد،والذي يعرف دبي جيدا خلال سنوات ما قبل 2008،يعرف ان حيوية هذه الايام تأخذك بالضرورة الى دورة شبيهة،لان البلد بدأ يتجاوز تدريجيا آثار محنة الازمة المالية العالمية،التي رأيناها تتجلى بأصعب صورها في الفترة بين 2008 الى بداية عام 2011.

المال العربي يتدفق بطريقة كبيرة الى دبي من دول كثيرة،من ليبيا وسوريا ودول اخرى،خصوصا،في ظل مناخات الاضطرابات في دول عديدة،وبرغم المخاطر التي تحيط بدول الخليج العربي،الا ان دولة الامارات العربية المتحدة تتصرف على ارضية كبيرة من الهدوء والاستقرار،وليس ادل على ذلك من عودة الجاذبية الى دبي وبقية الامارات.

السر في ذلك ليس عاطفيا،فبلد تعيش به عشرات الجنسيات،ويتسم بالحيوية والازدهار الاقتصادي،ويتمتع بثروات كبيرة،قادر بسبب بناه التحتية من ثروات وعمران وسمعة عالمية،على تجاوز اي ضربات اقتصادية عالمية،بكلف قليلة،والذي يرى كيف توسعت دبي خلال السنوات الاخيرة يعرف انها غير قابلة للسقوط،وان كانت تتأثر مثل غيرها من مدن عالمية.

المثير في قصة دبي ان رؤوس اموال خليجية بدأت ايضا بالانتقال الى دبي،وتعريف الامارة اليوم يقول انها آمنة للناس،ولرؤوس الاموال،وباتت ملاذا وسط بيئة متقلبة حولنا وحوالينا،خصوصا،ان كل المنطقة تتعرض الى تغييرات جوهرية وكبيرة بعضها ايجابي وبعضها الاخر سلبي ومؤذ.

يعيش في الامارات ما يزيد عن ربع مليون اردني،واغلبهم اما مغتربون منذ سنوات طويلة،واما كفاءات تم التعاقد معها خلال السنوات الاخيرة،وفي الاغلب فان سمعة الجالية الاردنية ايجابية لانها تجيد اعمالها،وحريصة على سمعتها وعلى ان تبقى في مربع الاستقرار في هذا البلد.

الذي كان يسمع عن تأثيرات الازمة المالية العالمية على دبي،شاهد بأم عينيه كيف تأثر البناء والعمران وبقية المشاريع لفترة من الزمن،لكنك ترى هذه الايام،كيف استعادت المدينة حيويتها بشكل لا بأس به،والمتوقع ايضا ان تواصل استعادة جاذبيتها الاولى في ظل تدفق المال العربي والاجنبي اليها،هذه الايام.

المدن مثل المرأة،قد تصاب بالاكتئاب،وقد تصاب بالتعب،لكنها ابدا لا تخسر جاذبيتها،خصوصا،اذا كانت هذه جاذبية طبيعية،وغير مصطنعة،ولا تقوم على المبالغة او نفخ الذات،او كثرة الشعارات،وتكتشف انها مدينة لم تدمر مواصفاتها وجاذبيتها،بالتطاعن الداخلي،وتشويه كل شيء.

ايام في دبي،وبعدها يعود المرء الى عمان،حيث الحب الاول،وحيث جبال عمان وبردها،وخضرة قلبها،التي لا ينساها المسافر ولا المغترب ايضا،مهما قصر به السفر او طال.
 
(الدستور)