«الحريات الخمس» طريق الاتحاد...هكذا تحدث المرزوقي

تم نشره الثلاثاء 14 شباط / فبراير 2012 01:54 صباحاً
«الحريات الخمس» طريق الاتحاد...هكذا تحدث المرزوقي
عريب الرنتاوي

- يجول الرئيس التونسي، المثقف والناشط الحقوقي، منصف المرزوقي، في عواصم الاتحاد المغاربي، رافعاً لواء "إعادة الروح إلى جثة الاتحاد الهامدة، وضخ دماء جديدة في عروقه المُتيبسة"...الرئيس الأول لجمهورية الاستقلال الثاني لتونس الديمقراطية، يسعى الى إقناع قادة الدول المغاربية المتحوّلة ديمقراطياً لولوج مقاربة جديدة في التعامل مع هذا الملف الذي ظل مغلقاً في عهد الديكتاتوريات.

وجهة نظر الرئيس النشط، تقوم على إعادة بناء الاتحاد على قاعدة "الحريات الخمس"، والتي تشتمل على حرية مواطني الاتحاد في التنقل والعمل والإقامة داخل دوله الخمس، فضلا عن حرية تنقل الرساميل والاستثمارات والخدمات في طول الاتحاد وعرضه، فهذه هي القاعدة الصلبة التي تجعل "الاتحاد" مطلباً شعبياً، مدعّماً بأعمق المصالح الحيوية لمواطنيه ومواطناته.

وعندما يُسأل المرزوقي عن الحاجة لحل أزمة الخلاف بين الجزائر والمغرب على خلفية قضية "الصحراء والبوليساريو"، قبل الشروع في إحياء الاتحاد المغاربي، فإنه يجيب: "لندع هذا الخلاف جانباً، لنتركه للأمم المتحدة التي أحيل إليها ملف النزاع، ولنشرع ببناء سياق جديد، وإيجاد بيئة نفسية جديدة، سيكون ممكناً بها ومعها، التعامل مع مشكلة الصحراء، التي أجهزت على تجربة الاتحاد، بطريقة مختلفة.

والمفارقة الأولى اللافتة للانتباه، أن المرزوقي الذي سار على البساط الأحمر الذي فُرش له في مطار هواري بومدين، وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في صدارة مستقبليه، ظل اسمه حتى عشية زيارته الرسمية للجزائر مُدرجاً على القائمة السوداء للأشخاص الممنوعين من دخول البلاد، استجابة لطلب من سلطات نظام زين بن علي البائد، الذي ارتبط عهده بعلاقات وثيقة مع الحكم الجزائري...أما المفارقة الثانية للانتباه، فهي أن الرئيس التونسي، الذي عانى المنفى لسنوات طوال في العهد البائد، كان اتخذ ولسنوات طوال، من المغرب منفى له، حتى أن والده ما زال مدفوناً هناك، وقد قام بزيارة قبره في أول زيارة له للمغرب منذ الثورة التونسية وتوليه شخصياً أول رئاسة تونسية بعدها، وقد حظيت زيارته بمزيج من الاستقبال الرسمي والتفاعل الشعبي اللافتين.

وكنت تابعت في الرباط، ورشة عمل بعنوان "اتحاد مغربي كبير بلا حدود"، عُقدت بالتزامن مع زيارة المرزوقي، وفيها تحدث مثقفون وسياسيون من دول المغرب الخمس، عن الحاجة لإلغاء الحدود بين دول الاتحاد، وتفعيل "الحريات الخمس" التي تحدث عنها المرزوقي، وسط مناخات من التفاؤل، بأن رياحاً جديدة تهب على شمال أفريقيا، مع هبوب ربيع العرب الذي بدأته تونس، ووسط آمال عراض، بأن المنطقة برمتها، قد تلج حقبة جديدة مغايرة في تاريخها المعاصر.

الديكتاتوريات، نظم الفساد والاستبداد، تجيد الاقتتال فيما بينها، امتداداً لحروبها الموصولة والمستمرة ضد شعوبها...الديكتاتوريات تجيد إغلاق الحدود، وإعمال سيف "المهددات الأمنية" وإيجاد الأعداء الوهميين والفزاعات التي "تشد" عصب المواطنين، وتصرف اهتماماتهم إلى "أعداء خارجيين" حتى وإن كانوا "افتراضيين"، بدل التفرغ لمقارعة فساد الحكام واستبدادهم...الديكتاتوريات لا تستطيع العيش والاستمرار دون "عدو خارجي".

دول المغرب العربي، بعد ثورتي تونس وليبيا، وبعد التحولات المهمة التي يشهدها المغرب، والتغييرات التي بدأتها موريتانيا منذ سنوات، تبدو في وضع أقرب ما تكون فيه للوصول إلى ضفاف الاتحاد الديمقراطي، الطوعي، المبني على أساس تعظيم المصالح والمشتركات، والتصدي الجمعي للمشاكل والتحديات بشتى أشكالها وميادينها...وإذا قُدّر للجزائر أن تلتحق بركب شقيقاتها، ونأمل أن يتم ذلك قريبا، وبصورة سلمية وسلسلة، فإن حلقة التحوّلات الديمقراطية، ومعها حلقة بعث الاتحاد، تكون قد بلغت شواطئ الأمان.

ونخص الجزائر بالذكر، ليس من باب أن الأوضاع في عدد من الدول المغاربية قد باتت محسومة لصالح البديل الديمقراطي، بل لأن الجزائر والمغرب، هما الدولتان المحوريتان في هذه المنطقة، وصراعهما الممتد لسنوات وعقود، فضلاَ عن التدخلات الضارة، الممتدة لسنوات وعقود أيضاً، لحكم الطاغية الليبي الراحل معمر القذافي، أفشل تجربة الاتحاد، وحال دون انطلاقها في أثر التجربة الاتحادية الأوروبية.

الآن، تبدو الصورة مختلفة كثيراً، والفرص تبدو واعدة أكثر من أي وقت مضى...والخلاصة التي نستشفها من جولة المرزوقي وتداعياتها وردات الفعل عليها، تؤكد أن الديمقراطية هي طريق العرب للحرية والكرامة والاستقلال والوحدة كذلك...وحدها "الديمقراطيات" تستطيع أن توفر حلولا "عقلانية" للمشاكل العالقة فيما بينها...وحدها "الديمقراطيات"، يمكن أن تستعيد مجد الشعار الغابر: "أمة عربية واحدة...".
 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات