لماذا فشلت الحكومات اقتصادياً؟

- إلى أي حد تستطيع الحكومة - أية حكومة - أن تنعش الاقتصاد الوطني وتخرجه من حالة الركود أوالتباطؤ؟ يبدو أن التركيز على دور الحكومة وفريقها الاقتصادي مبالغ فيه كثيرأً ، فقد شـهدنا خلال السنوات الأخيرة عدة حكومات متعاقبة ، فلماذا لم تنجح إحداها في تحقيق هذا الهدف لو كان ذلك ضمن إمكانياتها.
لا يعني هذا أن الحكومة ليس لها دور اقتصادي هام ، ولكنه يعني أن هناك لاعبين آخرين يتمتعون بقدرة كبيرة في التأثير ، إيجاباً وسلباً ، كالبنك المركزي ومجلس النواب ، وقبل هؤلاء فعاليات القطاع الخاص ، كما يعني أن للحكومات قدرة على إلحاق الضرر بالاقتصاد تفوق قدرتها على تحسينه. وهذا للأسف ما يحصل بدليل النتائج غير المرضية التي وصلنا إليها ، والعائدة في معظمها إلى سياسات وقرارات حكومية ، وفي المقدمة طبعأً المديونية الكبيرة الناشئة عن موازنة تعاني من اختلال فادح بين إيرادات تنمو بسرعة السلحفاة ونفقات تقفز بسرعة الحصان.
يقال إن المشكلة تكمن في اختلاط السلطة والتجارة خلال السنوات الأخيرة ، وإن رجال الأعمال تحولوا إلى وزراء وحكام ، وأخذوا يديرون الدولة على أساس أنها شركة تهدف إلى الربح.
ليس هذا صحيحاً ، فعنصر الإدارة واحد في جميع المجالات ، ومن ينجح في إدارة شركة مساهمة أو بنك يستطيع أن ينجح في إدارة وزارة أو مؤسسة حكومية ، فالمدير يختلف عن الفني المتخصص. ومن هنا ليس من الضروري أن يكون وزيـر الصحة أو مدير المستشفى طبيباً ، ووزير الأشغال مهندساً ، فالمطلوب مدراء جيدون ، أما رجال الأعمال الذين تحولوا إلى وزراء فأغلب الظن أنهم كانوا فاشلين في إدارة شركاتهم ، فجربوا حظهم في إدارة شؤون الدولة وفشلوا أيضاً.
لو كانت الدولة تدار على أنها شركة لما عاشت بموازنة تعاني من العجز ، ولما تراكمت عليها ديون تفوق طاقتها على السداد ، ولما أصبح الجهاز المصرفي الإداري مترهلاً يعاني من البطالة المقنعة.
في البلد رجال أعمال نجحوا وأبدعوا ولكن ، هل يقبل هؤلاء المنصب الوزاري؟.
لا يعيب الرئيس المكلف أن يختار وزراء من المدراء الناجحين في إدارة الشركات ، ولكن من يفشل في إدارة شركة يفشل في إدارة وزارة.
(الراي)