سورية.. إعادة خلط الأوراق !

تدخل القوى المتصارعة في سوريا وحول سوريا الى مرحلة جديدة خطرة تتحول فيها سوريا وشعبها الى كرة تتقاذفها اقدام الاستقطاب الدولي الذي صنع حالة من الردع بين القوى المتنفذة التي فرضت تدويلاً ضحيته الشعب السوري حيث يستفيد النظام الذي يشتري الوقت لمزيد من القتل من هذا الاستقطاب..
لقد وفر الفيتو الروسي الصيني والذي له دوافع عديدة ومختلفة تصب في مصلحة هذين البلدين في الدرجة الاولى سواء روسيا التي تريد مقايضة موقفها الذي يستفز الغرب بسكوت هذا الغرب على نتائج انتخاباتها وخاصة انتخاب الرئيس بوتين بعد أن شكك الغرب في نزاهة الانتخابات البرلمانية الروسية أما الصين فلها مصالحها وأبرزها النفط الايراني الذي تسخره ايران الان لخدمة تحالفها مع النظام السوري..
هذا الاستقطاب واعادة تسخين الحرب الباردة بين المعسكرات الكبرى لا تنخرط فيه روسيا والصين من جهة مع الغرب الاوروبي والاميركي بل يدخل الى الاستقطاب أطرافا لها مصالح في سوريا مثل تركيا التي لا تريد لايران ان تستمر في وضع يدها على سوريا بعد أن وضعت يدها على العراق..
الحالة السورية برسم التصدير للعنف وتوسيع دوائره فقد سخنت ايضاً الساحة اللبنانية وهناك صراع مسلح بين قوى تناصر النظام السوري وأخرى تناصر الثورة السورية والشعب وهناك ايضا الموقف الاسرائيلي الذي يزداد سخونة يقابله موقف حزب الله الذي قد يقوم بعمل عسكري استباقي او يرد على عمل اسرائيلي استفزازي للتفريج عن النظام السوري الذي يساعده ان تخلط الاوراق في المنطقة..
يستفيد النظام السوري من حالة الاستقطاب وصراع القوى الخارجة ومصالحها وأيضاً تحرك حلفائه وانصاره في ايران وحزب الله وحتى العراق الذي يسهل عبور المتطوعين الايرانيين واسلحتهم..
النظام يساعد على تدويل الأزمة من جانبه في استدعاء مساعدات ومواقف روسية وايرانية حيث وصلت الاسلحة من خلال البوارج الحربية الروسية والايرانية الى موانيء سوريا في حين تعمل اطراف اخرى على تدويل من جانب دول غربية عبر الأمم المتحدة وحتى شكوى الجامعة العربية المرتبطة بارسال مراقبين عرب ودوليين وتحت مظلة دولية وقد يمهد ذلك الى تدخل أجنبي..
والسؤال هل للغرب مصلحة في سقوط النظام السوري وبمزيد من التفصيل هل للولايات المتحدة مصلحة في سقوط هذا النظام؟..واذا كانت الاجابة نعم فلماذا يقول قادة كبار عسكريون ومخابراتيون ان القاعدة هي التي تقاتل النظام في سوريا وهذا موقف سياسي قد يفضي الى موقف عملي في دعم نظام بشار الأسد وتبرير روايته والدفاع عنه وجعل الموقف الروسي الصيني واستعمال الفيتو مبرراً..فلماذا؟ وهل لاسرائيل مصلحة في سقوط نظام الأسد واذا كانت الاجابة نعم فلماذا تسمح بوصول البوارج الايرانية تحديداً الآن والمحملة بالأسلحة الى الموانيء السورية وهي التي لم تسمح لسفن الأدوية والطعام بالوصول الى غزة..أليس في الأمر ما يثير السؤال..؟!
هل هناك محاولة لمقايضة الموقف الاسرائيلي مع سوريا بعزلها عن ايران وبالتالي العمل على انقاذ الاسد..
في الاسبوع الاخير وقع خلط غريب وتداعيات جديدة دفعت النظام السوري الى المزيد من العنف والشراسة وقتل المزيد من السوريين بقصف المدن وهدم البيوت والقتل الجماعي مستفيداً من الخلافات الدولية أو التقاطعات الحاصلة فيها..
يراهن النظام السوري على مواقف الدول المتصارعة حول سوريا ومحاولة عقد صفقة مع كل طرف بما يسمح للنظام ان يبقى يمارس القتل والعنف وبالتالي لا طرف خارجيا يحسم أو يريد ان يحسم ضد النظام السوري وما هو قائم وعود وكلام وتحذيرات يواجهها سفك دم وقتل..
الرهان الان هو على الشعب السوري فقط ويبدو ان التجربة السورية تختلف عن الليبية وحتى عن المصرية او التونسية اننا أمام تجربة جديدة تماماً.. أطراف دولية لسانها ضد الاسد ومواقفها التحتية معه وشعب يقتل ويشتري النظام الوقت لمزيد من قتله والعالم يكيل بأكثر من مكيال حين تكون الاوزان من النفط!
(الراي)