علاقة المثقف بالسلطة تجسير أم تبعية؟

ثنائية المثقف والسلطة ليست موضوعاً جديداً ، ولكنها ما زالت تثير النقاش والحوار بين المثقفين أنفسهم وليس بينهم وبين السلطة التي تخطب ودهم. وقد سبق أن عقد منتدى الفكر العربي قبل أكثر من ربع قرن ندوة في عمان حول الموضوع دارت حول ورقة عمل أعدها الدكتور سعد الدين إبراهيم بعنوان تجسير الفجوة بين المثقف والسلطة.
هذا الموضوع ما زال حياً لم يستنفد أغراضه بعد ، بدلالة أن أول ندوة في مهرجان التراث والثقافة بالجنادرية هذا العام دارت حول نفس الموضوع ، وتحدث فيها أربعة من وزراء الثقافة السابقين في الأردن وتونس والمغرب وقطر، ودار حولها حوار مطول لم يسفر عن نتائج.
ينطلق الحوار من فرضية أن الحكام ليسوا مثقفين ، وأن مجرد قبول المنصب الوزاري يخرج المسؤول من حظيرة الثقافة ويحشره في حظيرة السياسة.
هذا ليس صحيحأً بالمطلق ، صحيح أن هناك مسؤولين نصيبهم من الثقافة متواضع ، ولكن أغلبهم من المثقفين الفاعلين في الحياة الاجتماعية ، وقد صعدوا إلى المستوى السياسي من أجواء الصحافة والإعلام والجامعات ومدراء البنوك والشركات.
قبل ربع قرن ، عندما بحث الموضوع في منتدى الفكر العربي بعمان أسفر الحوار عن مطالبة المثقفين بإيجاد جسر بين الجانبين يمكن أن يكون في حده الأقصى جسراً ذهبياً وفي حده الأدنى جسراً خشـبياً. وتواضع أحـد المثقفين الكويتيين بمطالبة الأنظمة العربية بالسماح للمثقف بإبداء رأيه وليس بالضرورة قبوله والعمل به.
ما حدث منذ ذلك التاريخ أن المثقفين العرب قطعوا الجسر وانضموا إلى حاشية السلطان تحت تأثير الترغيب والإغراء في معظم الحالات وخاصة في الأنظمة المعتدلة ، والترهيب في بعضها الآخر وخاصة في الأنظمة الثورية ، وأصبحوا بفضل سياسة العصا والجزرة أدوات لبناء شرعية المسؤول ، ولا عجب في ذلك ، فالمثقف ليس منزهاً عن الانتهازية.
بالمناسبة هناك خلاف حول الدور الذي لعبه المثقفون في الربيع العربي (2011) ، فهل كانوا مبادرين وقادة طليعيين ، أم أنهم التحقوا بالثورة وركبوا موجتها عندما رجحوا أنها ناجحة ، أم أنهم كانوا في المعسكر المضاد وعملوا على إجهاض الثورة حفاظاً على مكاسبهم المستقرة مع الأنظمة الساقطة؟.
أغلب الظن أنهم تـوزعوا بين كل هـذه التوجهات فهم ليسوا من معدن واحد.
(الراي)