الحكومة والمعلمون

- أحسنت الحكومة صنعاً بحلّها لقضية المعلمين, وأحسنت عندما استجابت لمطالبهم, وأحسن المعلمون عندما وحّدوا جهودهم وتضافروا على تحقيق مطلبهم بحدّه الأدنى, وأعتقد أنّ المنتصر في هذه المعركة هو الوطن والأجيال ومهنة التعليم.
مهنة التعليم من أجلّ المهن وأخطرها وأعظمها أثراً على الأجيال والأوطان والحياة, دون أن نقلّل من أهميّة المهن والأعمال الأخرى, لكن بكلّ تأكيد هناك اتفاق عالمي على أنّ نهضة الوطن تبدأ بإصلاح مهنة التعليم, لأنّ المعلم هو الذي يصوغ العقول ويبني الوجدان ويقيم معالم الشخصية, ولذلك تذهب الدول المتقدمة إلى جعل موازنة "التعليم" لها النصيب الأكبر والحظّ الأوفر في الدولة على صعيد الموظفين المستخدمين.
وعندما تكون أهميّة التعليم على هذا النحو, ويكون دخل المعلّم مرتفعاً على نحوٍ مرضٍ يدفع الأكفياء والأذكياء وأصحاب المواهب للذهاب إلى مهنة التعليم, ممّا يجعل المتقدمين يخضعون لامتحانات التنافس من أجل اختيار الأكثر كفاءة وقدرة وعلماً, وأنضج سلوكاً وعاطفة; لأنّ المعلم يقوم بوظائف متعددة في مجال التربية والبناء النفسي والعاطفي, والبدني مع البناء العلمي والعقلي, والعكس يحدث تماماً عندما يقلّ دخل المعلم وتمسخ مكانته, تصبح مهنة التعليم مأوى للنطيحة والمتردية وما أكل السبع, ثمّ يكون مردّ ذلك على كلّ أبناء الوطن, وينعكس ذلك على الجيل كلّه, وعند ذلك سوف يكون المسار إلى الخلف, والتردّي في قعر الانحطاط والضعف والهزيمة, والفقر والتخلف العلمي والاقتصادي والاجتماعي.
مشكلتنا ليست في ضعف الموارد, وقلّة الإمكانيات, ولكن مصيبتنا في عدم إدراك الأولويات والضعف الشديد في ترتيبها بحق, وعدم الاحساس الحقيقي بأهميّة المعلم والتعليم, وترجمة ذلك إلى واقع وخطط وبرامج وكرامة واحترام ودفع للحاجة وتأمين المعيشة اللائقة بحس العطاء وجمال الانتماء.
(العرب اليوم )