مزيد من المديونية في 2012

قُدرت خدمة الدين العام الخارجي- أقساط وفوائد، بحوالي 480 مليون دينار، وقدرت خدمة الدين العام الداخلي – فوائد فقط بحوالي 400 مليون دينار ، وبذلك تكون خدمة الدين العام قد كلفت الخزينة في عام 2011 حوالي 880 مليون دينار، أي أكثر من 5ر12% من مجمل الموازنة أو5ر4% من الناتج المحلي الإجمالي.
هذه الكلفة الباهظة تشكل عبئاً ثقيلا ً يؤثر سلباً على نسبة النمو الاقتصادي، وتضغط على ميزان المدفوعات، وهي ترتفع بتسارع عاماً بعد آخر.
هذه هي المديونية، باعتبارها أداة إفقار تتورط فيها الحكومات المتعاقبة لتحل مشاكل آنية على حساب تراكم مشاكل مستقبلية تتحملها حكومات أخرى قادمة. والغريب أن أكثر الحكومات تورطاً في المديونية أعلاها صوتاً في رفع شعار الاكتفاء الذاتي!.
عمليات الاقتراض في الخارج أصبحت تقدم للرأي العام كإنجازات، فيطلق عليها اسم مساعدات أو قروض ميسرة لدعم الموازنة، وإذا كانت قروضاً خارجية بشكل سندات فتوصف بأنها دليل على ثقة المستثمرين بالاقتصاد الأردني ومصداقيته الائتمانية في الأسواق العالمية.
هل هناك صحوة تدل على وعي رسمي بخطورة المديونية ونتائجها وتداعياتها؟ أبداً، ذلك أن خطة الحكومة لسنة 2012 تقتضي اقتراض أكثر من مليارين من الدنانير، نصفها باسم الخزينة مباشرة ، والنصف الآخر باسم هيئات وشركات حكومية بكفالة الحكومة، وفي المقدمة شركة الكهرباء الوطنية التي تطالبها الحكومة بأن تخسر مليار دينار في السنة على أن تغطيها بالاقتراض من البنوك.
كان المفروض أن نتعظ بغيرنا من الدول التي تورطت في المديونية وعجزت عن السداد فخضعت للشروط القاسية، وتنازلت عن سيادتها، ودفعت الثمن مضاعفاً بشكل تقشف موجع. ولكن إذا لم نتعظ بما جرى لنا في أزمة المديونية التي انفجرت في وجهنا عام 1989 ودفعنا ثمنها طيلة خمسة عشر عاماً، فكيف نتعظ بما جرى لليونان وغيرها من الدول الأوروبية؟.
هناك فساد إداري ومالـي يتظاهر الناس في الشوارع مطالبين بمحاربته.
اما المديونية فلا يتظاهر احد ضدها، فالكل سعيد بدعم الماء والكهرباء والغذاء والغاز وزيادة الرواتب ولو كان ذلك ممولاً بمديونية سوف نسددها من حريتنا واستقلالنا ومستوى معيشتنا عندما يحين الوقت.
(الراي)