الصراع على سوريا و«الضـرب من تحت الحزام»

تم نشره الأربعاء 29 شباط / فبراير 2012 01:00 صباحاً
الصراع على سوريا و«الضـرب من تحت الحزام»
عريب الرنتاوي

- لم يعد النموذج اليمني صالحاً لمعالجة الأزمة السورية، بعض العرب الذين يقودون المواجهة ضد نظام دمشق، انتقلوا خطوة إضافية في حربهم الساخنة وليس “الباردة” ضد نظام الأسد، إنهم يروجون الآن، وبصورة مُعلنة لا مُضمرة، للنموذج الليبي المعتمد على تسليح المعارضة واستدعاء التدخل العسكري الدولي واستعجاله.

لا تنطوي هذه النقلة الخطيرة في مواقف البعض على أية مفاجأة من أي نوع...مثل هذه الانتقالة كانت متوقعة منذ البدء، بيد أن “القوم” كانوا بحاجة لٍـ”بناء سيناريو” قبل الكشف عن كل الأوراق والنوايا...ما كان بالإمكان في بواكير الأزمة، ممارسة اللعب على المكشوف...كانوا بحاجة لمزيد من الدماء لكي تبدو مواقفهم كردة فعل على جرائم النظام، وليس كفعل مدبر في ليل بهيم...يضمر من الأهداف والأجندات أشدها دماراً لسوريا، وطناً وشعباً، حاضراً ومستقبلاً، وليس لنظامها فحسب.

لقد بدأوا بحكاية المراقبين العرب، وعندما هبّت ريح هؤلاء بعكس ما تشتهي سفنهم، انقلبوا عليهم، وشنّوا أعنف حملة تشهير وتشكيك بالمراقبين فريقاً ورئيساً، وطاولت حملتهم الجامعة والأمين العام، برغم الخدمات الجليلة التي قدمها لهم، وبرغم نجاحهم في تحويل الجامعة إلى مطية لهم طوال العام الفائت.

تحدثوا عن “تدخل إنساني” وأعينهم على التدخل العسكري.... تحدثوا عن قوة عربية لحفظ السلام، وأعينهم على جيوش الأطلسي وأساطيله وطائراته....تحدثوا عن الحل العربي لإخفاء تطلعهم الثابت والحاسم لتدويل الأزمة و”أطلستها”....ودائماً لم تعزهم الحجة ولم تنقصهم الذرائع والمبررات، فالنظام الدموي في دمشق، قدم لهم، بغباء مقارباته الأمنية، كل ما يحتاجون لتطوير هذا السيناريو والانتقال به من حلقة إلى أخرى.

لم يعد اللعب مع دمشق “من تحت الطاولة”، اللعب بات صريحاً ومكشوفاً، والضرب من تحت الحزام، والغاية التي هي إسقاط النظام وتصفية الحساب مع طهران، تبرر اللجوء إلى كل الوسائل المتاحة، حتى وإن تراكمت جثث السوريين بعشرات الألوف...حتى وإن دخلت سوريا في سيناريوهات الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي والتقسيم.

لكن من سوء طالع هذا الفريق، أن سوريا ليست ليبيا، فالنظام لم يتشقق بعد، والجيش السوري لم يشق عصا الطاعة للنظام، والجغرافيا السورية ما زالت موحدة، والمجتمع السوري ليس موزعاً على العشائر والقبائل والمناطق والجهويات، فيما المعارضة السورية، بخلاف نظيرتها الليبية، أقله قبل سقوط النظام، تزداد تشظياً كلما ازدادت الأصوات المنادية بوحدتها، بدلالة انشقاق المجلس الوطني بعيد أيام من مؤتمر “أصدقاء سوريا” الذي جعل من وحدة المعارضة السورية، واحداً من بين أهم أهداف ثلاثة، وضعها المؤتمرون لأنفسهم.

ويزداد الطالع سوءا، أو الطين بلّة، أن الغرب والأطلسي، ما زالا على استنكافهما، عن التدخل العسكري وخيار تسليح المعارضة...فالسيدة كلينتون التي “جاملت” في تونس بعض العرب ، وتحدثت عن تسليح المعارضة، بخلاف كل ما صدر عن المستويين الأمني والعسكري في واشنطن، عادت بعد تونس للتحذير من خطوة تسليح المعارضة، خوفاً من انتقال سلاح الى “القاعدة” و”حماس”.

والغرب بخلاف بعض العرب ، يقيم وزناً لبدائل النظام، وربما كان هذا أكثر ما يقلق عواصمه، الكبيرة منها والصغيرة، فلا أحد هناك يريد أن يرى “دولة سلفية” تحل محل النظام البعثي الحاكم في سوريا، في حين تفاخر بعض هذه الدول ، بأن السلفية، ولا شيء غيرها، هي هي الإيديولوجية الحاكمة لدولها.

ويواجه مسعى “بعض العرب” عقبة رابعة، لا تقل أهمية عن غيرها من العقبات التي أتينا على ذكرها، ألا وهي أن إسقاط القذافي ونظامه، كان موضع إجماع عربي وإقليمي ودولي، ولقد حظي التدخل العسكري الدولي ضد نظام العقيد، بشرعية أممية، في حين يبدو المجتمع الدولي منقسماً حول سوريا وحيالها، فمصير النظام في إيران، بات مرتبطاً بالمعركة على سوريا، ومستقبل روسيا والصين، كقوى عظمى، بات رهيناً بالكيفية التي ستحكم خواتيم الأزمة السورية ونهاياتها، والدول الثلاث تخوض “معركتها السورية” بوصفها “أم المعارك” ذوداً عن مصالحها ونفوذها.

في ضوء هذه المعطيات جميعها، فإن “بعض العرب لم تتبق لديهم الكثير من الخيارات والأوراق ليلعبوا بها....لم يعد لديهم سوى سلاحي البترودولار والسلفية الجهادية، وهما سلاحان استخدما من قبل في دول وساحات عدة، وقد ترتب على استخدامهما نتائج مازالت أفغانستان والعراق، من بين دول عديدة، تدفعان أثمانهما الباهظة...وهما سلاحان قد يأتيان بأي شيء إلا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ألم نقل من قبل، كما قال كثيرون غيرنا إن بعض العرب يتصدرون الثورة المضادة في سوريا، تحت ستار مخادع من شعارات دعم الثورة وحقن الدماء وحفظ حفظ حقوق الإنسان...والأنكى تحت شعارات الحرية والديمقراطية والتعددية؟!
 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات