سورية.. في الفرن!

المدينة نيوز - النظام السوري الذي اتخذ قرار الحل الامني والعسكري في مواجهة الثورة عليه أن يصعد عملياته بعد أن حقق انتصارات في باب عمرو وحمص وهو يتوجه بكتائب مسلحة الى ادلب حيث يمارس أسلوب الاجتثاث واطلاق النار على كل هدف يتحرك وأخذ الأطفال والنساء بجريرة من تظاهروا أو ثاروا أو هتفوا ضد النظام ..
لم يعد النظام السوري يعبأ بالاتهامية التي يسمعها ولا حتى بالحقائق التي تنشرها منظمات حقوق الانسان والصليب الأحمر أو تقارير السفارات وما تصوره وسائل الاعلام الداخلية أو حتى الخارجية فقد حدد النظام خياره الامني ومشى فيه وهو يعتقد انه المخرج له من الحالة التي وضع نفسه فيها حين اعتقد ان هناك مؤامرة عليه وليس استحقاقات الربيع العربي أو ضرورات التغيير التي يطالب بها الشعب السوري وقد نجح النظام في تصوير ان ما جرى ويجري هو مؤامرة على سوريا بدليل أن الصين وروسيا تقفان معه في تحالف سياسي في حين تقف ايران في تحالف دعمه أمنياً ولوجستياً والقتال الى جانبه ولو لآخر سوري!!
اذن النظام يصعد..والموقف الدولي بدوره ما زال يصعد..لا احد يتكلم عن وقف القتل من كل الأطراف ..لا أحد يستطيع ذلك ولذا فإن الادارة الاميركية ما زالت تتحدث عن المزيد من الحصار على النظام رغم ان تجربة الحصار تصيب الشعب أكثر مما تصيب النظام..وقد جرى تجربتها في العراق لعشر سنوات وحديث الاميركيين عن قرب سقوط النظام وضرورة رحيله لا يغطي كلفة الدم المسفوك يومياً في مدن وارياف سوريا حيث يعمل النظام بشراسة في اخماد الثورة مهما كان الثمن..
تختلط الاجندات الاقليمية مع الدولية وتتحول سوريا الى كرة بين اقدام القوى العديدة المهتمة والمتربصة حيث تتدحرج وتشوط الاطراف هذه الكرة ما بين الاقدام الروسية والصينية والايرانية والاوروبية والغربية والاميركية واقدام النظام نفسه التي تدمر كل شيء وتساعد على تأجيج الصراع..
ماذا بعد؟ هل يعتقد النظام السوري انه يستطيع ان يقضي على الثورة وان ما يجري هو تمرد لا بد من اخماده، واذا استطاع ذلك أو نجح في ذلك ولو الى حين كما حدث في حمص وقد يحدث في أدلب فهل ستخمد هذه الثورة؟ وحتى مع خمودها هل يستطيع نظام الاسد الدموي والمدمي أن يحكم وان يستمر أم أن المسألة لا تعدو ان تكون شراء وقت للنظام والهروب من المر إلى الأمّر ومن القتل الى القتل..واذا خمدت الثورة وهذا أمر غير متوقع فهل سيستمر حكم الاسد وكيف وبأي قبول أو تحالفات؟ ..
ما هي تطورات الموقف الروسي الان بعد اعادة انتخاب بوتين هل يبقى على ما هو عليه من فيتو وتأييد قوى للاسد أم سيقايض الورقة السورية بقبول غربي لنتائج انتخابه فيتخلى عن الأسد مع الاحتفاظ بمصالح روسيا كما تعلم من الدرس الليبي؟
ثم الموقف الايراني الذي ما زال يتصاعد في تأييد سوريا من خلال ارسال الميليشيات والعسكريين في ملابس مدنية عبر الحدود العراقية ليقوموا بعمليات خاصة في حمص ومواقع أخرى وامدادت تقنية وامنية ولوجستية متعددة المصادر منها السفن المتوجهة عبر البحر الاحمر والسويس الى طرطوس وهي السفن التي تعترضها اسرائيل رغم أن اسرائيل ظلت تعترض سفن السلام الدولية المتجهة الى غزة بالمساعدات الانسانية..
ما الذي يجري؟ ومن الذي يستطيع ان يحل المربعات السورية أو يقرا الطلاسم التي سببها التداخل الاقليمي والدولي والذي استفاد منه النظام في استعصاء وجود حل حتى الان..
ليل السوريين سيطول والاهتمام الاميريكي ما زال لم يصل الى حد يمكن معه اختراق جدار النظام السوري أو ثنيه بالاكراه عن القتل وكذلك الاوروبيون والولايات المتحدة ما زالت تتذرع بالفيتو الروسي والصيني وهي تجد في هذا الفيتو ما تخفي وراءه ترددها فهي تستطيع ان تفعل الكثير حتى مع عدم وجود الفيتو..
هناك الموقف العربي ذو المستويات المختلفة فدول الخليج مع التصعيد ضد النظام وهي مع تسليح المعارضة رغم مخاطر ذلك وما يعنيه من تاجيج للحرب الاهلية ولكن هذا شكل من اشكال «وداوني بالتي كانت هي الداء» فماذا تعمل هذه الاطراف أمام القتل ان لم تسلح المعتدى عليه ليدافع عن نفسه؟..ولكن السؤال هل هذا الخيار صحيح؟..إنه السؤال الذي يواجه مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة الان..فما العمل؟ وما المخرج؟ وسوريا الى أين؟..
(الراي)