لماذا يعززون مشاعر الكراهية بين الناس؟

المدينة نيوز - «إن ما نشهده اليوم من تجاوزات أصبح يشجع على وجود بيئة غير صحية تعمل على تراجع مستويات الثقة بين أفراد أسرتنا الواحدة وتعزز مشاعر الكراهية بين الناس»..
والسؤال في التعليق على الكلام الملكي الذي يشخص بدقة ما يجري على أرض الواقع هو..ما هي هذه التجاذبات؟ وما هي دوافعها واسبابها؟ هل كلها بريئة ام ان بعضها مفتعل تقف وراءه اجندات ومصالح حقيقية من الداخل والخارج ؟ وهل تستمر هذه التجاذبات لزعم البعض انها تفاعلات طبيعية وظواهر في حصة الاردن من الربيع العربي ام حالة لا بد من مراقبتها لأن هناك اطرافا تريد تعكير المياه للصيد فيها وتدفع باتجاه تلويث الجرح وعدم تمكين تضميده وهي ابعد ما يكون عن الاصلاح او الرغبة في الاصلاح ؟..
اتوقف عند تعبير الملك « تعزيز مشاعر الكراهية بين الناس « وأرى فيه مكمن الخطورة، فهناك الان من يحترف ذلك ومن يستثمر في شق الوحدة الوطنية تحت شعارات وذرائع ومسوغات مختلفة , باسم الوطنية تارة وباسم الجهوية وادعاء التهميش وغياب الحقوق .. هذا النفر كمن يضع اصابع الديناميت تحت البناء لينسفه وهو يقوم بخرق السفينة على مرأى الجميع فهل نستمر في الانتظار والصمت والاحالة الى المجهول وهناك من يتخذون من محاربة الفساد قميص عثمان ويرفعون شعارات يروعون بها الاغلبية فان قلت «بلدنا ليس فاسدا» «وان قلت «لا تغتالوا الشخصية» ولا ترجموا الناس بالظن والاتهام وهم ابرياء سلقوك بألسنة غلاظ شداد وحشروك مع الفاسدين او مع قوائمهم الجاهزة مدفوعة الثمن !!
اي حرية تعبير هذه التي ينتحل فيها المعلقون على اخبار المواقع شخصيات تكتب بلهجة بدوية او قروية او مدنية او من شرق النهر او غربه ليشتم هذا وهذا او يدافع هذا عن هذا ويستحضر كل طرف امجاده في حالة اشبه بدخول العملاء الى ميدان الرماية لتأجيج القتال حين يقصفون هذا المعسكر وهذا المعسكر في نفس اللحظة ومن مصدر واحد ليدب الخلاف ويقع الصراع والتراشق فينسحبون وقد حققوا اهدافهم ..
عنف الجامعات ايها السادة في جزء منه ليس بريئا وانما مدفوع الثمن ومطلوب الاهداف والا كيف نفهم ان يحمل الطلاب سلاحا في الجامعة ويطلقون النار وكيف نفهم قيام الواسطات ان لا يعاقب الفاعل وينجو وتسجل القضايا ضد مجهولين او يحقق مع غير الفاعلين ..
البعض تحت اسم حرية التعبير وفي مناخ الربيع العربي» زادوها وحرقوا بصلتها» كما يقال .. فهذا الذي نقرأه ونسمعه يسبب ما هو اكثر من الغثيان انه يضرب في جذور الوحدة الوطنية ويقيم الثارات ويفتح باب الفتن ..
لا يجوز لأحد ان ينصب نفسه قاضيا ويدين الناس او يشتمهم او يغتال شخصياتهم باسم حرية التعبير او الربيع العربي او السماح له بالنشر في صحيفة او موقع او وسيلة اعلام ..
لماذا تتعطل ادوات الدولة في مستويات مختلفة عن منع هذه الاشكال من الارهاب والابتزاز الذي يشوه صورة الاردن وسمعته ويلحق الضرر باستقراره .
منظومة القيم التي دعا لها الملك تحتاج الى اعادة زراعة في الوعي الجمعي عن طريق التعليم والاعلام وهذا يحتاج الى وقت والى ان يحدث ذلك ونخرج من اسلوب المناشدة فأن المطلوب تفعيل القوانين فورا لمعاقبة كل الذين ما زالوا يحملون الديناميت لتفجير وحدتنا الوطنية في حين ينصرف القادرون عن الفعل منا الى مصالح خاصة .
الذين يخرجون علينا صباح مساء بالشتم والتشهير وتقويض العلاقات الاجتماعية وتأليب افراد المجتمع وجماعاته ومجموعاته وتراكيبه على بعضها البعض ليسوا هم الفقراء المحتاجون والمهمشون واصحاب الحقوق . وانما هم الانتهازيون والمفسدون ومشعلو الحرائق انهم لا يصلحون بما يفعلون ويقولون وهم اقرب الى صديق الدب ان صدقوا حين اراد ان يبعد الذباب عن رأس صاحبه فكسر رأسه بحجر ..
حذار من المتعة بالاشاعة وترك العابثين يستمرون في عملهم على حساب الأمن والاستقرار والمصلحة الوطنية وعلى القضاء والمحاكم ان تأخذهم بجريرة افعالهم فورا ..
(الراي)