المتمرّد والعاشق والشاعر في رواية «يا صاحبيِ السّجن»

تم نشره السبت 17 آذار / مارس 2012 01:57 صباحاً
المتمرّد والعاشق والشاعر في رواية «يا صاحبيِ السّجن»
حلمي الأسمر

المدينة نيوز - التقيته في دائرة المكتبة الوطنية، كان يحمل مجلدين كبيرين مخطوطين، حسبته انهما ديوانا شعر، فأخي الدكتور أيمن العتوم عرفته شاعرا كبيرا، له حضور في المنتديات والاحتفالات، ولا يذكر دون أن يذكر أخي الآخر والده الدكتور علي العتوم، صاحب السيرة العريضة في العمل الإسلامي، كداعية وخطيب مفوه، وبالفعل، فهذا الشبل من ذاك الأسد، سألت أيمن: أديوان شعر جديد؟ فقال: بل رواية أولى، وما عزم أن حاول إهدائي أحد المجلدين، فقلت أنني سأصبر للحصول على الرواية مطبوعة!.

تقول زهراء الغضبان، في قراءتها المعمقة لرواية «يا صاحبي السجن» الصادرة حديثا: يروي السّجين أيمن مذكّرات ما زالت عالقةً في ذهنه عن السّجن والرّفاق... لكن... أين هو السّجن إن لم يكن في داخلك؟! أين هو القيد إن لم تلفّه بإرادتك حول معصمك؟! بل أين الأسر إن لم تَدْعُهُ إليك وتقول له: هَيْتَ لك!! لم تحوِ صفحات هذه الرّواية سوى الحرية والانطلاق والطّيران... في السجن لكنه مع نفسه في عوالم أخرى... عوالم من التّأمّل والفلسفة والهيام...!

بصراحة، أثار الدكتور أيمن شجونا عميقة في داخلي، حين انتحيت جبرا وقهرا ركنا قصيا، يدعى زنزانة، أمضيت فيها اثني عشر يوما فقط، لكنها زودتني بخبرة اثني عشر عاما، وظلت في داخلي رغبة دفينة لتسجيل تلك التجربة، حتى إذا جاءت رواية أخي أيمن، فجرت شوقي القديم.

وأستعير قليلا مما جادت به قريحة زهراء، وقد أسرتني كلماتها وهي تغوص داخل سطور الرواية..استطاع بقوّةٍ ما تقطنه أن يحوّل القيد إلى سوار ذهبيّ جميل لن يخلعه أبداً... لأنه لم يعد هو هو.. ونقرأ سوية ما خطه يراع أيمن: «مرّ على مكوثي في هذه الزّنازين ما يقرب من أسبوع... تحوّلت خلالها إلى إنسان آخر... لا أحد يبقى على حاله ما بين لحظتين، فكيف بهذه الليالي الاستثنائيّة الّتي قضيتها هنا؟! نعم تغيّرت... مساحة الحنين اتّسعت لتملأ كلّ عرق نابضٍ فيّ..صارت تبكيني لحظات الذّكرى... أشعر أن البكاء متعة... ما أسهل أن تبكي... ما أجمل أن تبكي... ما أروع أن تبكي...!!»

« يا صاحبيِّ السِّجن».. كل الرّفاق كانوا هناك.. وما عادوا.. كل الصداقات والحكايا والذكريات عن الأخوّة والوشائج... كانت هناك... بين السّطور... وفي الثّنايا... على جدران زنزانة مهجع (6) «المهجع الأكثر زرقة من ماء البحر... والأوسع مدىً في فضاء الفكرة، والأعمق غَوراً في بئر الحياة!!». لكلِّ منهم صورة ترسمها حين تقرأ الرواية.. كأنما أبدعتها يد فنّان يهتمّ بالتّفاصيل... وحركات اليدين وسكنات الوجه.. بل حتى الطّباع والأمزجة... لن تستطيع أن تنسى أيًّا منهم..(يوسف) الهادئ المتواضع، وكذا (عليّ) و(جهاد) و(سالم)..أمّا (عكرمة) فسيظلّ سيّد المواقف كلّها... «لقد كان وجهه كتاباً، وعيناه صفحات، وأصابعه كلمات، وشَعر لحيته حروفاً، استفزّني لأحتمي بالقراءة كما لم يفعل أحدٌ من قبل».

وفي أجواء الرواية الفريدة، المليئة بالشعرية الآسرة ... «حين شاهدتُ إخوتي قادمين من بعيد قفز قلبي من صدري فرحًا، وعندما صاروا قريبين منّي لم أستطع أن أعانق أيًا منهم. كان الموقف لا يسمح بذلك. غير أنّي هويت دون وعي أحضنهم في خيالي جميعًا، وشعرت بدفء المودّة تسري في كياني كلّه، وانسابت حرارة الحبّ فيما بيننا، وكأننا عشّاق هاموا على وجوههم في الصحراء والتقوا بعد طول غياب! ... تغيّر فينا كلّ شيء إلا قلوبنا، ظلّت على تحدّيها وعلى حبِّها وعلى إيمانها...»

في الرواية الأولى لأيمن، – كما تقول زهراء- ترى المتمرّد والعاشق... المقاوم والشاعر... وفي الرواية استطاع أن يُخبرنا عن نفسه... إنها الحريق... «أحرق كلّ شيء..موروثاتك البالية..وأفكارك الّتي هي أفكار غيرك، وصلتْ إليك باستمراء الوضع القائم..الحريق!! نعم الحريق!!»

«صنعتً حرّيتي التّامّة في أشعاري..هربت إليها..وناجيتها نجوى العاشق.. وفي ظلال كلماتي شعرت بالدّفء، وتحت خيمة عباراتي تدثّرتُ بثوب الجُمل الرّائقة...كان شعري أنا، صورتي في مرآة قلبي، ومن دماء مشاعري انتفضتْ قصائدي عروساً حيّة، وحسناء حَية! (بل هو شاعر فليأتنا بآية)!!»

أنا شاعرٌ غنّى فأشجى، مَنْ رأى شَجَراً يُحاسِب طائراً لأغانِ

مباركة هذه الرواية أخي أيمن، ومبارك هذا الجهد الرائع..
 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات