المفاضلة بين ظلمين!!

تم نشره الإثنين 02nd نيسان / أبريل 2012 01:50 صباحاً
المفاضلة بين ظلمين!!
خيري منصور

هل كان قدر العرب منذ خلقوا، أن يفاضلوا بين ظلمين وأمرين كلاهما مُرٌّ؟ هما ظلم ذوي القربي، وظلم ذوي البُعدى او الأباعد، فقد نقشوا على شاهدة ائتلافهم حكمة خرقاء، هي الأقارب عقارب، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة، فسعوا حتى آخر الأرض من صحرائهم؛ بحثا عن من يناصرهم ضد الأخ وابن العم، مثلما فعل امرئ القيس الذي عاقبه قيصر على ما فعل، وأهداه حلة مسمومة، لبسها فتقرح جلده ومات في الطريق، قبل أن يأخذ بالثأر.

وفعلها الغساسنة والمناذرة، وما حملوا من أسماء على الثغور في مختلف العصور، ورغم مرور القرون وتبدل الاحوال، لم يتغير هذا الناموس، فالناتو هو من اسماء قيصر المستعارة او الحركية، وكل من يأتي من وراء البحار بحجة انصاف المظلوم، يستوطن في أرضه ويمتص حتى نخاعه، وإن كنا بحاجة الى تذكير، فافتحوا كتاب التاريخ الذي أوصد منذ زمن، فالأمثلة لا تحصى، ولم يكن ما حدث في القرن العشرين، وهذا العقد من القرن الذي تلاه، إلا طبعات جديدة وبأغلفة أنيقة من رحلة امرئ القيس، الذي بكى صاحبه عندما أدرك أن الطريق طويل إلى عتبة قصر القيصر.

فما الحكاية؟ وهل هناك من تفسير سايكولوجي او جيني لهذه الظاهرة، التي انفرد بها العرب في كل الازمنة، ونحن نرفض جذريا اي تفسير عرقي او سلالي للشعوب، لانها لا تولد بمواصفات ابدية، لهذا فنَّد السود كل الخرافات العرقية التي اخترعها البيض عنهم، ودحضت المرأة كل الأساطير التي حاولت أن تحشرها في بيت الدمية، ومن العرب أنفسهم من هاجروا ونالوا اعترافات كونية بإبداعاتهم، فتحولت منافيهم إلى أوطان، أَمَا من مرة واحدة، يكون فيها هذا العربي عصاميا، وينجز حريته واستقلاله بذراعه، دون ان يُعيِّره أحد بأنه حمله على ظهره وعبر به النهر؟!.

ولماذا يكون العربي حاتم الطائي، الذي لا يذبح حصانه فقط، بل ونفسه أيضا لزائره، لكنه يبخل على ابنه أو زوجته بما يسد الرمق؟

إن حروب الأخوة الأعداء من العرب، على شبر من الحدود، كانت ولا تزال أشد ضراوة من حربهم ضد من انتزعوا منهم ابهى البلاد والمقدسات، فهم يقبلون الدّية من عدوهم، هذا إذا تكرّم عليه بها، ويرفضون أي شيء سوى الثأر مع الشقيق، ربما لأن الجاهلي كان يحوم عليه طائر الثأر، إذا كان العدو من صلبه ومن بني جلدته.. ونستغرب لماذا لا يبادر فريق من علماء النفس، والاجتماع والمؤرخين العرب، إلى عقد ندوة في زحمة هذه المؤتمرات، لمناقشة تفضيل ذوي البعدى على ذوي القربى؟! والتسامح مع العدو وغيابه تماما مع الأخ حتى لو كان توأما؟!.

إن من يفكك هذه الأحجية، قد يصل إلى النتيجة التي عجز الجميع عن بلوغها، لأن معرفة السبب عندئذ ستبطل كل هذا العجب.

لقد تنبّه بعض المستشرقين إلى هذه الظاهرة، وأدلوا بدلائهم فيها، وكنت شخصيا واحدا ممن تصدوا لهم، في كتاب كامل من الغلاف إلى الغلاف، وإنني أحيانا أتساءل: هل أخذتنا العزة بالأثم، أم كابرنا كي نخفي هذه الظاهرة، كما لو أنها عورة تاريخية؟.

لقد جاء إلينا الفرنسيون في العصر الحديث مؤازرين، ثم مكثوا وامتصوا نخاعنا، وكررها الإنجليز، وأخيرا الأمريكيون الذين بالوا على شهدائنا، وغطوا جدارية حمورابي بالدم، وامتطوا أسد بابل أمام الكاميرات.

هل هو قدر تاريخي أم حتمية جغرافية أم مرض موروث؟

هي مجرد أسئلة، لمعرفة من أين نبعت هذه المواعظ عن الأقارب العقارب، وذوي القربى الأشد مضاضة!! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات