الأحزاب والطفيلة .. وعدالة الإدانة المفقودة

استعراض اسماء موقوفي اعتصام الرابع للمطالبة بالافراج عن نشطاء حراك الطفيلة , تشي دون لبس ان الاعتصام كان مفتوحا لكل القوى السياسية ولمتضامنين من كل المحافظات الاردنية , وهذا مؤشر مريح ويفوق الوصف الايجابي , فالوجع الاردني واحد والمجتمع ما زال بخير رغم هتافات الفتنة التي تطلق في هزيع الليل في بعض الاحياء وممزوجة بهتافات بغيضة لا تخدم مسيرة الاصلاح التي ينشدها الشعب الاردني بكل أطيافه وتلاوينه , لا ذلك الاصلاح الحامل لمواصفات حزبية وقياسات فئوية ضيقة .
مسيرة الاصلاح وشعاراتها ومنذ انطلاقها قبيل موسم الربيع العربي , مجمعة على مسألتين الاولى الاصلاح السياسي من خلال انتخابات مبكرة تجري وفق قانون انتخاب يلبي طموح الاردنيين بالاصلاح ومحاربة الفساد واجتثاث حيتانه وإعادة الاموال المتحصلة بالفساد والافساد , وتحت هذه العناوين تفرعت الاختلافات السياسية , ضمن حالة صحية شهدتها كل المجتمعات والدول الساعية نحو العدالة والحرية والمواطنة المحترمة والكريمة .
خلال المسيرة الاصلاحية التي تلقت دعما شعبيا هائلا بفعل الربيع العربي وما جرى في عواصمه , رأينا توقعات سوداوية تسقط مثل استحالة التعديلات الدستورية وعدم جدية الدولة في محاسبة الفاسدين الكبار وغيرها من التوقعات المحبطة , ورأينا توقعات تتحقق ايضا مثل التباطؤ والتلكؤ والاستثناءات لقوى مجتمعية والقفز عن تعبيرات وطنية وبشرية او التركيز على حزب دون غيره لحسابات حكومية ضيقة او لقراءات سياسية قاصرة , ورأينا استنفار قوى الشد العكسي ومحاولة الاعتداء على الاصلاحيين , وبالمقابل رأينا إرهابا فكريا ضد المخالفين لرؤية حزب او جماعة او حراك في طريقة الاصلاح وتراتبيته او اولوياته .
كل هذا مبرر الى ان دخل الاصلاح دائرة الفعل الجدي , ورأينا التعديلات الدستورية واقعا ورأينا اسماء لم نحلم برؤيتها داخل اسوار الجويدة , وصارت الهيئة المستقلة للانتخابات واقعا , ولكن صاحبه ارتفاع في سقف الشعار يشي بأن المطلوب ليس الاصلاح بحد ذاته , بل الاصلاح الذي يلبي مقاس فئة بعينها او حزب بعينه , والاخطر لا احد يريد ان يدفع كلفة الاصلاح وأثمانه , إن كان على صعيد المنطقة الجغرافية او الحزب او الافراد .
الحراكات المتكاثرة بشكل ملفت تريد الاصلاح على قياسها دون ان تحاول لملمة صفوفها وتوحيد جهودها , والاحزاب تستثمر في اخطاء الحكومة وتغازل الغرائز الانفعالية ولا تكلف نفسها عناء ادانة العنف على الدوار الرابع وبالمقابل ادانة العنف في الشعار والتطاول على اهداف الاصلاح النهائية , فلا احد في العلن والمكاشفة قال انه يريد اسقاط النظام , ولا احد في العلن قال لنا ان المطلوب كسر هيبة الدولة ورمزيتها.
ابسط اشكال الاصلاح ان نتحدث بلغة واضحة ودون اجندات مخفية ومخاطبة العقول لا مخاطبة الغرائز , وما خرج من تصريحات صحفية لاحزاب المعارضة بعد اعتصام الدوار الرابع , لا يحترم هذا المبدأ الاصلاحي الاساسي , ولا يتعامل مع الملفات بعدالة كما يريد ويطلب من الحكومة , التي بالمقابل تتعامل بنفس الرتابة والاسترخاء , وكأن الامور على ما يرام .
ما جرى من تصعيد في الهتاف وملامسة حدود الفتنة في بعض الاحياء وعدم ادانته وادانة العنف , من الاحزاب والحراكات, يعني ان الاصلاح المنشود مرفوض اذا لم يكن على قياس بعض الحراكات والاحزاب , وسيصبح الوطن وهيبته رهينة لحالة الرضى الحزبي والمناطقي وهذا يعني اننا امام تجربة تصلح لكل اشكال الانفلات ولا تدفع عجلة الاصلاح مترا للامام .
الاصلاح يعني ان نتحدث بلغة واحدة فندين الاساءة والخطأ سواء صدر من شباب الطفيلة ومن ناصرهم على الدوار الرابع او من الحكومة والاجهزة الرسمية , وللاسف الخطأ يتعاظم وصوت العقل يتراجع امام ضغط الحاجات الحزبية الانتهازية والمطالب الانانية لبعض الحراكات , ولا بد من ادانة التطاول بنفس القوة التي ندين بها العنف والقسوة . ( الدستور )