دعوة لردم الفجوة بين عقل الدولة.. وضمير الشارع!

تم نشره الثلاثاء 03rd نيسان / أبريل 2012 03:14 مساءً
دعوة لردم الفجوة بين عقل الدولة.. وضمير الشارع!
حسين الرواشدة

ثمة هوّة كبيرة بين ما يفكر به المسؤول وما يراه الناس وتعبِّر عنه حراكاتهم في الشارع" المسؤول يتصور أن "مهلة" السنة والنصف التي "منحت" للمجتمع لكي يتحرك بحرية ويعبر عن مطالبه ويرفع صوته عالياً كانت كافية، كما ان تعامله مع هذه "الحالة" بما يسمى "بالأمن الناعم" تنسجم مع المرحلة وتؤكد مصداقية "ارادة" الاصلاح، وبالتالي فإن "نهاية" هذا "العرس" قد جاء موعدها، ودقت ساعتها وهذا يحتاج إلى قرار حازم، وحلول اخرى أمنية وقانونية، لكي لا يتصاعد "الاحتجاج" أو يأخذ مسارات اخرى..

أما الشارع فيتصور أن حراكاته بعد عام ونصف لم تصل إلى المسؤول، ولم يتعامل معها بجدية، ورغم ما اتسمت به من "حضارية" وسلمية الاّ انها فهمت في منحى آخر وتعرضت لمحاولات "اجهاض" متكررة، وبدل أن تدفع إلى تسريع الاصلاح وتطمين الناس على مستقبلهم، تم اختطافها وتوظيفها وتشتيتها تمهيداً "لوقفها" تماماً ومنعها من الاستمرار.

مشكلة المسؤول أنه تصوّر بأن "الحراكات" انطلقت بقرار ويمكن أن تنتهي بقرار، وأنها مجرد "منحة" موقوتة بمهلة محددة، ويمكن أن يستردها متى شاء، وانها – أيضاً – تعبر عن "حماسة" بعض "الشباب" المهمشين في الأطراف وبالتالي لا وزن لها شعبياً، ولا تعبر عن "ظاهرة" أو أزمة بقدر ما تعبر عن "تقليد" لما حدث من حولنا، أو أنها مجرد "فورة" غضب دافعها الاول اقتصادي وأساسها انفعالي، ولهذا لا بد من التعامل معها "بقسوة" لأن صلاحية وجودها انتهت.

مشكلة الفهم لا تتوقف عند ذلك، وانما تتجاوزه إلى سلسلة من التضاربات والارتباكات في التعامل مع هذه الحراكات، البعض اجتهد في "استيعابها" وأبدى بعض المرونة في "ابتلاع" مطالبها وهتافاتها، على اعتبار انها مجرد "جمعة" مشمشية وصدى لما يحدث من حولنا، والبعض الآخر اجتهد في محاولة "تفريغها" من مضامينها ودفعها إلى الاشتباك مع مكوناتها، وفي التخويف منها وصولاً إلى حصرها في الزاوية، واقتلاعها من الجذور.

في سياق ذلك، غاب "المطبخ" السياسي الموّحد عن استبصار أسباب "الأزمة" واقتراح ما يناسبها من معالجات، وتوجهت الاطراف إلى عنوان "الحراكات" بدل أن تتوجه إلى عنوان الأزمة الحقيقي وهو "الناس" بأغلبيتهم الصامتة، وكان السؤال: كيف يمكن انهاء هذه الحراكات وازالتها من الشارع، فيما كان من المفترض أن يكون السؤال هو كيف نعالج "الأزمة" التي تغلغلت في المجتمع وتأخذ البلد إلى محطة جديدة عنوانها "الاصلاح الحقيقي" أو التحول نحو الديمقراطية غير المقيدة.

وسط الانشغال بمواجهة ما يطفو على السطح من "حراكات" وبمحاولة الالتفاف عليها و"تقليم أظافرها" ودفعها إلى الاستسلام، ثم الالتفات إلى "النخب" والاحزاب ومحاولة "تحييدها" أو استرضائها من خلال صناعة توافقات ما حول قانون "الانتخاب" أو "غنائم" المرحلة القادمة، لم ننتبه للاسف إلى أن الأزمة تتناسل وتتدحرح، والاحتقانات تتعمق، والوقت يسرقنا، كما أننا لم ننتبه إلى حقيقة اخرى وهي أن انشغالنا بما يجري على تخوم الاصلاح من اشتباكات ومناقشات قد دفعنا إلى توجيه "الجهد" والنقاش إلى مواضيع خارج الهدف المطلوب، وبالتالي – الاستغراق – في جدل عقيم، ومقاربات "نيّة" ومعالجات قاصرة عن تحقيق المطلوب.

الآن، لا بد من جسر "الفجوة" بين تصورين: تصور الدولة وتصور الناس، وبين هدفين: هدف الدوران حول الاصلاح والالتفاف حول مطالبه وهدف اقرار وصفته وتنفيذها بأسرع ما يمكن، وبين مزاجين: مزاج "الشارع" الذي تتصاعد حراكاته ومزاج المسؤول الذي يتراوح بين "الفزع" واللامبالاة، واخيراً بين زمنين: زمن ولىّ وفات بكل ماضيه من اخطاء واعتبارات وزمن راهن مزدحم بالتحولات والمتغيرات والتحديات.. يمسك "الناس" بزمامه ويريدون أن يعيدوا تشكيله وفق مقاسات تناسب صحوتهم الجديدة.

باختصار شديد، لا بد من ردم الفجوة – أو تجسيرها على الاقل – بين عقل الدولة وضمير الناس، بين مطابخ القرار والجسد الذي تتحرك بعض اطرافه في الشارع.. وهي دعوة مخلصة دقت ساعة الانصات اليها.. وتنفيذها بسرعة! - الدستور -



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات