أين وزيرة التنمية من الحالات الإنسانية؟

كنت أتوقع من وزيرة التنمية الاجتماعية أن تترك مكتبها الفاخر وتتوجه على الفور إلى محافظة البلقاء للوقوف على الحالة الإنسانية المؤلمة التي نشرت عنها «الدستور» قبل أيام، والمتعلقة بالشقيقات الثلاث اللواتي يعشن في جرف صخري موحش، بعد تخلي عائلتهن عنهن، ويتغذين على النباتات والأعشاب، وبقايا طعام المتنزهين، بعد أن رفض والدهن إقامتهن في بيته.
اتصالات تأتي إلى «الدستور» من أبنائنا في الخارج، ومن العديد من المحسنين، والوزيرة لا تعير هذا الموضوع اهتمامها، وكأن وزارتها غير معنية بالفقر والفقراء، وبأية حالة إنسانية.
لم تعتبر الوزيرة من الدرس الذي تلقاه وزير تنمية سابق عندما بكى أمام الراحل الكبير الملك الحسين عندما فاجأ أحد مراكز الأيتام بزيارة، واكتشف العجب العجاب، وقدم قصره بعد ذلك لرعاية هؤلاء.
أول عمل قام به جلالة الملك عبدالله الثاني بعد تسلمه مهام المسؤولية كان أن قام مع الملكة رانيا العبدالله بزيارة إلى دار البر للأيتام ليقول للجميع أن هؤلاء يحتلون أولوية عنده، وأنه لا يسمح بأن يذرف طفل دمعة واحدة تضاف إلى ألم اليتيم، فكيف بهؤلاء الفتيات الصغار، وقد قسا عليهن الأهل.
إذا كانت مثل هذه المأساة الإنسانية لم تحرك مشاعر الوزيرة، فكيف يمكننا أن نطمئن على أوضاع الآلاف من الفقراء والمعوزين، والعائلات المحرومة، أو تلك التي تقبع في الكهوف وبيوت الزينكو ويقتصر عمل الوزارة على عقد الندوات والمؤتمرات في أرقى الفنادق في عمان، ولا نجد من يقوم بزيارات ميدانية للمحرومين، ويضع الخطط اللازمة للتخفيف عنهم أو تقديم المساعدات لهم.
وزارة التنمية الاجتماعية، لم تعد تقوم بالدور المأمول منها خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، وأن ما تقوم به الصحف ووسائل الإعلام من توجيه الأنظار إلى بؤر الفقر والفقراء، وقيام أهل الخير بالمساعدة بعيداً عن التواجد الرسمي لوزارة التنمية الاجتماعية يفوق كل ما تقدمه هذه الوزارة، وأن «الدستور» استطاعت عبر سنوات طويلة، ومن خلال الحلقات التي قدمها زميلنا ماهر أبو طير وحملت عنوان حكايات لا يعرفها أحد، أن تحل مشاكل المئات من الأسر المعدمة، والأشخاص المهمشين، حيث وجد بعضهم السكن، والدواء والتعليم، والمساعدة النقدية والعينية.
أين عمليات المسح الميداني الذي تقوم به وزارة التنمية الاجتماعية للوقوف على الحالات الصعبة في القرى والمدن والبادية والريف والمخيمات، حتى ولو كان هناك من يريد تقديم الدعم المباشر وجهته الوزارة إلى المكان المناسب.
قد يكون الحل العملي والمجدي في حال استمرار الأوضاع على ما هي عليه في هذه الوزارة، أن يتم إلحاقها باحدى الوزارات، وأن يتم توزيع موظفيها على باقي الوزارات، وأن يتم تأجير مبانيها الضخمة لتشكل مصدر دخل للفقراء والمساكين وأن يتم توزيع ميزانيتها على الجمعيات الخيرية المعنية والتي أثبتت معظمها حضوراً مميزاً وأن الأرقام تشير إلى أن العمل الخيري التطوعي يسد الحد الأدنى من احتياجات أكثر من ثمانين بالمائة من الطبقة الفقيرة، وأن هذا الأمر يدعونا أيضاً إلى فتح ملف المعونة الوطنية وكل الصناديق الرسمية الأخرى المتعلقة بتقديم الدعم للفقراء والحالات الإنسانية، لأنهم بازدياد يوماً بعد يوم، وأنه لو تم توفير رواتب عدد من الموظفين والمصاريف الإدارية وأجور المباني لكان كل ما يطلبه الفقير عندنا متوفراً وبسهولة. - الدستور -