مصر ولعبة «العسكر» و«الإخوان»

تم نشره الجمعة 06 نيسان / أبريل 2012 02:47 صباحاً
مصر ولعبة «العسكر» و«الإخوان»
عريب الرنتاوي

ذهبت التحليلات التي تناولت ترشيح خيرت الشاطر نائب مراقب جماعة الإخوان المسلمين لمنصب رئيس الجمهورية في اتجاهات شتى...طغى على أغلبها عنوان واحدٌ يلخص مضمونها “غلطة الشاطر”...بعضها توقع صداماً محتماً بين “العسكر” و”الجماعة”...وبعضها الآخر تحدث عن “صفقة” بينهما...اختلاف التحليل والتفسير والتعليل، لا يعكس فقط، تشابك المشهد بشتى تعقيداته، بل ويشير أيضاً إلى نقص فادح في المعلومات والمعطيات.

الجماعة وعدت بعدم التقدم بمرشح رئاسي، ونكثت بوعدها...كثرة من المحللين وجد في هذه المسألة ضالته...لكنه أغمض الأعين عن موقف “العسكر” الذي يريد أن يجعل من نتائج الانتخابات البرلمانية شيء، وممارسة الحكم في مصر شيء آخر...خذوا الأغلبية في مجلس الشعب، لكن الرئيس (الذي يقوم العسكر بمقامه)، هو من يشكل الحكومة ويختار رئيس الوزراء، إلى أن تأتي الانتخابات القادمة، برئيس مدني يحكم البلاد، بصلاحيات الرئيس المخلوع، لا زيادة ولا نقصان، لكأن الشعب المصري قام بثورة ليعزل ديكتاتوراً ويأتي بـ”فرعون”.

ولأن الأسماء التي تتصدر استطلاعات الرأي في مصر، تشير إلى أن تقدم رموز العهد السابق واحتلالهم المراتب الأولى في لائحة المرشحين للرئاسة، فقد كان طبيعياً أن يثير أمرٌ كهذا قلق الإخوان....بل وكان منطقياً أن يثير قلق مختلف القوى التي شاركت في الثورة والتغيير في مصر.

أخطأ الإخوان حين “ركبوا رؤوسهم” وأصروا على رفض ترشيح عبد المنعم أبو الفتوح...الرجل مرشح جاد، وصاحب خطاب عقلاني، وكان يمكن أن يكون مرشحاً توافقياً...حظي بتأييد قطاع من “شباب الإخوان”...ورأى فيه قطاع كبير من أقباط مصر، مرشحاً يمكن التعامل معه والقبول به، ولم يكن ينقص الرجل سوى دعم الجماعة الجاد والجدي، حتى يصبح أول رئيس منتخب لجمهورية مصر العربية.

لكن “الحرتقات الحزبية الضيقة” كانت كفيلة بوضع أبو الفتوح في خانة ألد أعداء الإخوان بدل أن يكون مرشحاً توافقياً، في مرحلة تحتاج فيها مصر لهذا النوع من التوافقات الوطنية العريضة...وربما كان خروج أبو الفتوح من الجماعة، أدعى لدعمه، لحفظ ماء وجه الجماعة، والبرهنة على عدم رغبتها بالاستئثار والهيمنة، وهو قول كان يمكن له أن يصمد في وجه من كانوا سيقولون أن استقالة أبو الفتوح أو إقالته، ليست سوى لعبة إخوانية بامتياز، أو ضرباً من تقاسم الأدوار.

أما وقد حصل ما حصل، فقد وجدت الجماعة نفسها، وجهاً لوجه أمام القرار الأصعب الذي يصادفها منذ سقوط نظام مبارك، ونقول الأصعب لأنه اتخذ بنصف الأصوات تقريباً وترك الحركة منقسمة على ذاتها، أكثر من أي وقت مضى، ولا أدري كيف لرجلٍ شقّ ترشيحه حزبه، أن يكون عاملاً في توحيد مصر والمصريين تحت زعامته.

ترشيح الإخوان للشاطر ليس مناورة، ولا هي ورقة مساومة يمكن طيّها، مع أن طيّها سيظل ممكناً إن جاءت حسابات البيدر مخالفة لحسابات الحقل...وأقول ذلك، لأن الرجل شرع وقبل ترشيحه رسمياً في تقديم أوراق اعتماده لعواصم صنع القرار الإقليمي والدولي، ودائماً عبر بوابة “تجديد الالتزام بالسلام مع إسرائيل واتفاقيات كامب ديفيد”...وهو لم يتوقف عن فعل ذلك، منذ أن تكشفت نتائج الانتخابات التشريعية المصرية.

ولا أحسب أن في الأمر “صفقة” مع العسكر، الذين مهما بلغت سعادتهم بشهر العسل القصير مع الإخوان، إلا أنهم يفضلون واحداً منهم أو محسوب عليهم، في موقع الرئاسة...فالإخوان وإن جنحوا للسلم والتهدئة و”الصفقات” يصعب الرهان عليهم في كل المواضيع ومختلف الأوقات، بخلاف الأسماء المدرجة في لائحة المرشحين، والمُستلّة من أرشيف العهد السابق، وفي صدارتهم عمرو موسى الذي ظل وفياً لمبارك حتى سقوطه، وهو وفيّ لنظامه حتى بعد أن دخل الرئيس المخلوع في غيبوبته.

هي مغامرة (مقامرة) يُقدم عليها إخوان مصر...أحسب أن ستقرر مصائر الحركات الإسلامية في المنطقة العربية، وتحديداً التيار الإخوان لسنوات وعقود قادمة...تركة نظام مبارك ثقيلة، والإخوان ليسوا أهل حكم، ولا خبرة لهم كافية للتعامل مع ملفاته...فهل سيقودون أرض الكنانة إلى الفضاء التركي المفتوح سياسياً واقتصادياً، أم أنهم سيعيدون إنتاج تجربة زملاء لهم في قطاع غزة، ولكن بحجم كبير، وبدرجة أكبر من المخاطر والتداعيات؟....الإجابة على هذا السؤال، ستقرر مصائر إخوان مصر والمنطقة، صعوداً أو هبوطاً...وهناك من يراهن على الفشل ويتربص بأصحابه، ولهذا (ربما) يقال، أن الإخوان وقعوا في فخ نصائح جون ماكين الشريرة، ذات النوايا “المُبطنة”.

ينجح الإخوان أم يفشلون....سؤال مفتوح، لا نعرف جواباً عليه...لكن نعرف أن من حق الحزب الذي يظفر بالأغلبية أن يتولى الحكم فعلياً لا شكلياً فحسب، كما حصل لحماس بعد فوزها في انتخابات 2006...من حق الإخوان أن يتولى السلطة التنفيذية، التي يحسدها الرئيس في النظام السياسي المصري، مع أننا كنّا وما زلنا نأمل، أن يتولى الدستور الذي يجري إعداده، أمر تغيير النظام السياسي المصري، ليصبح نظاماً رئاسياً برلمانياً، تتوزع فيه السلطة عامودياً وأفقياً، فلا تبقى كل السلطات أو جلّها بين يدي رجل واحد.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات