نقاشات النواب بين المهنية والنكائية

ليس مطلبا جديدا منع تأسيس الأحزاب على أسس عرقية أو طائفية او دينية , فلا يجوز لحزب ان يكون ناطقا باسم عرق او طائفة او دين , فهذه حقوق لصيقة بالانسان لا تحتاج الى من يدافع عنها او يتبناها والاردن إحدى الدول الموقعة على العهد الانساني الذي يكفل حرية المعتقد والدين , ويساوي دستوره بين الأردنيين بصرف النظر عن عرقهم أو طائفتهم او دينهم .
نقاشات النواب تحت القبة نقاشات تشريعية ,ولا تأخذ بالا بالسلوك الحكومي على أرض الواقع , وإن كان واجب المجلس أن يحاسب أي حكومة عند اعتدائها على مواد الدستور , ولذا فإن “المحكمة الدستورية” كان الأجدى بالاقرار قبل كل القوانين الجديدة , تبعا لهذا الواقع الفقهي وتماشيا مع مرحلة الاصلاح السياسي , فالمختبر الحقيقي لدستورية القوانين هي المحكمة الدستورية , وما يتردد الان من اراء لفقهاء عن مخالفة قانون الانتخاب وقانون الهيئة المستقلة للانتخابات بنود الدستور تؤكد ذلك.
لا يجوز ان نشتري الرسن قبل الفرس في مسألة التشريع , ومع ذلك فإن اقرار المادة الجديدة في قانون الاحزاب أمر محمود , لولا ما لحقه من بنود تخرج المادة عن سياقها الافتراضي بأنه التزام بالدستور وبالشرعة الكونية لحقوق الانسان , فعمر مؤسس الحزب لا يجوز ان يكون نفس عمر الرشاد السياسي بممارسة الانتخاب , بدليل ان سن الناخب يختلف عن سن الترشيح , وبفارق 12 عاما .
ما يسري على قانون الانتخاب وعمر النائب يسري على عمر العضو المؤسس للحزب على الاقل , فهذا العمر اذا كان مسموحا له تأسيس الاحزاب , فيجب ان يكون مسموحا له الترشح للانتخاب على قائمة الحزب الذي يؤسسه ابتداءً , ولذا لجأت معظم الدول الى تحديد عمر العضو المؤسس للحزب بأقل من عمر دورة برلمانية بالنسبة للشخص الاعتباري الذي يحقُ له تأسيس حزب , فإذا كان عمر المرشح للانتخابات 30 عاما فيجب أن يكون عمر المؤسس للحزب أقل من ذلك بعمر دورة برلمانية اي 26 عاما .
اما بالنسبة لجهة الاختصاص في ترخيص الاحزاب , فقد مارس النواب دورا غريبا لا ينسجم مع المرحلة السياسية الحالية ولا ينسجم مع الارادة السياسية بإطلاق الاحزاب وانطلاقها بيسر ودون عوائق , واشراف وزارة الداخلية على الاحزاب بات من الزمن الماضي واقتراح وزارة العدل او وزارة التنمية السياسية هو الأولى بالاتباع كما ذهبت الغرفة البرلمانية التي اقرّت قانون الاحزاب بعد حواراتها .
فوزارة الداخلية وزارة امنية بحكم وظيفتها واختصاصها , والاحزاب عمل سياسي وجهد طوعي , ومن المفترض ان تصبح الاحزاب لاحقا مطبخ صنع الحكومة وتشكيلها , فكيف نسمح بسطوة الامني على السياسي او العكس ؟
يجب الابتعاد في التشريع عن النكاية او روح الانتقام , فالتشريع طويل العمر والمدى ولا يجوز ان يخضع لرغائبية او تصفية حسابات مع اي جهة او تيار , ومن الحكمة ان يستمر السعي في اقرار القوانين بعقلية جديدة تستلهم رؤاها من روح الشارع الاردني التواق الى الحرية والديمقراطية , والمدعوم من رأس الدولة ورمزها .