الترهل الإداري إلى أين؟

في الأخبار أن وزير الزراعة وعد بتثبيت 1300 عامل مياومة بوظائف دائمة، وقد اقترح البعض على معاليه أن يطلب من الموظفين الجدد عناوينهم وأرقام حساباتهم في البنوك لتحويل رواتبهم شهرياً شريطة أن يبقوا في بيوتهم، حيث لا توجد حاجة دائمة لأي منهم، وليس في الوزارة غرف وكراسي ومكاتب تتسع لهم.
بعد التخاصية كان المفروض أن تكون لدينا حكومة رشيقة وذات كفاءة عالية، باعتبار أن الحكومة وموظفيها لم يعودوا مسؤولين عن إدارة الشؤون الصناعية والتجارية للمشاريع الاقتصادية التي كانت تعتبر مزارع لتوظيف الأصدقاء والمحاسيب.
لكن الحاصل عملياً أن الحكومة استمرت في التضخم عاماً بعد آخر تحت ضغط المطالبة بوظائف، باعبتار ذلك أداة يستخدمها المسؤول لاكتساب الرضى والشعبية، وما دامت الرواتب والعلاوات تمول بالديون، فلماذا لا تطبق المثل، «إن كان دين حط رطلين».
عندما خطر على بال الحكومة أن تقوم بعملية إعادة هيكلة لأجهزتها المترهلة، ظننا أنها سوف تتخلص من الحمولة الزائدة، سواء بوجود 65 مؤسسة حكومية مستقلة لا لزوم لبعضها، أو بوجود أعداد هائلة من الموظفين الذين لا عمل لهم.
لكن الحكومة سارعت للتوضيح بأن إعادة الهيكلة ستأخذ وقتاً طويلاً، ولن تؤدي إلى الاستغناء عن أي موظف، فالمؤسسات التي ستلغى سيينقل موظفوها إلى دوائر الحكومة المزدحمة أصلاً بالموظفين، حتى أن المستشارين الذين لا يستشارون أصبحوا يعدون بالعشرات والمئات باسم الاستقرار والأمن الوظيفي، بحيث أن عقوبة أي مدير أو مسؤول فاشل أو غير مرغوب بوجوده هي تحويله إلى مستشار.
يعتقد البعض أن الحكومة يجب أن تحتفظ بكل الموظفين بصرف النظر عن إنتاجيتهم والحاجة إليهم، وأن توظف المزيد منهم، لان قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق! والواقع أن الذين يقودهم سوء حظهم إلى الوظيفة الحكومية يظلون محكومين بالفقر مدى حياتهم، والذين استغنت الحكومة عنهم أو استغنوا عنها، طوعاً أو كرهاً، اغتربوا أو ذهبوا إلى القطاع الخاص وحققوا نجاحات تجعلهم يشكرون من أخرجهم من مصيدة الوظيفة الحكومية.